المعالجات الفلسفية للقيم التشريعية ( حرمة الخُلع , ونفي حضانة الأم )

(Waleed) #1

: ًثانيا


ل به على حق رعاية الأم لأبنائها ستدَّ ُالحديث الم
لقد ذهب المشرعون إلى تحميل قضية أحقية رعاية الأم للأبناء على
أن حديث رسول صلى الله عليه وسلم ؛ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (
امرأة قالت : إن ابني هذا كان بطني له وعاء , وثديي له سقاء , وحجري له حواء ؛
وإن أباه طلقني , وأراد أن ينتزعه مني ؛ فقال لها رسول صلى الله عليه وسلم : أنت
) رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم .أحق به ما لم تنكحي


أولا : الفضل يسبقه عدل , فالعدل : أن تعطي شيئا ما يستحق ؛ والفضل أن تزد ؛
كما أن الفضل لا ينقض شريعة العدل – إذا كانت مادة العدل لا تسقط عن صاحبها
ه بدافع الفضل ؛ يكون ذلك لتغر العوامل كولده - فإذا أحيل عدل من أحد إلي غر
يزول بزوالها , ويبقى ببقائها ؛ مع الاحتفاظ بحق صاحب العدل في نقض قضية
الفضل ؛
كأن تنصح غنيا بترك بيته لأخيه الفقر ؛ حيث أن الغني عنده أكثر من بيت ؛ فكونه
ترك لأخيه العيش فيه ؛ لا يعني أنه أصبح ملكا للفقر ؛ أو أتاح له ذلك حق التصرف
فيه ؛ فمازال بيت الغني يأخذه متى شاء ؛


كما أن قضية الفضل لا تتعدى على شريعة العدل بحكم , أو شرط , أو قيد - كما
قلنا - لأن العدل يمكنه نقض شريعة الفضل ؛ ولا يمكن للفضل نقض شريعة العدل.
ولو تمعنا في ألفاظ الحديث : لوجدنا أن المرأة ذكرت بأن بطنها كان له كذا , وثديها
كان له كذا , وحجرها كان له كذا ؛ فأتت بتلك الأحوال في صيغة الماضي بقولها :
إلى عمر يتمكن معه من (كان) ؛ دل على أنه لم يعد في تلك الأحول منها , وأنه كبرُ
ه ؛ فإذا كان الابن لم يعد يتردد على حجر أمه الاعتماد على نفسه , وربما رعاية غر
فهو على أضيق الظنون قد تجاوز الثامنة من عمره ؛ ما لم يكن تجاوز ذلك أيضا ؛

Free download pdf