الفصل الخامس والعشرون
في ليلة فرح ابني البكر شعرت انني كبرت بسرعة. لقد استقر رأيه أخيرا
على الزواج من ابنة الوطن بعد أن عاش قصة حب مع فتاة أجنبية كانت
راسة في إحدى الجامعات الأوروبية. قد يكون شعر أنه تسرع زميلته في الد
لى الجذور مهما ابتعد، وفي الأمثال قالوا "حلاة إاو انه آثر العودة به في ح
الثوب رقعته منه وفيه"...وقد صدقوا.
هكذا كنت اغرس في نفوس ابنائي حب الانتماء مع هامش كبير للاختيار
يحتل المرتبة الاولى في تنمية الشخصية الطوعي، فالاقتناع كان، في رأيي،
وكان اختيار ابني البكر دليلا على نجاحي في تربيته.
تلك الليلة عشت أحلامي حتى "الرمق الأخير". كنت في اعماقي أشعر
فبعد عام او عامين على الأكثر سأصبح جدا. ت، بانني كبرت...وكبر
أواسط الخمسينات تركت لمخيلتي أن تجمح لتودع أحلام الشباب. كنت في
وشعوري قد لا يحسه إلا من عاش التجربة...لقد كنت سعيدا.
على متن فرح ابني البكر طرت إلى احلام الماضي وانا أتجاوز عقد
السنين، عقدا تلو آخر، حتى حط بي الرحال على "أقدام" تلك الليلة
حتى آخر الصيفية، ليلة نطق بها قلبي بالحب وعاهدت حبيبتي على الوفاء
العمر، وتساءلت: هل يستطيع أن يفي "عريس عمري" بوعده لعروسه إن
كان ثمة حاجة للوعد؟
قادر على ان يقطف أنهمسكين هو الإنسان، يعتقد في لحظات زهو وفرح
القمر والنجوم ويضعها في سلة شبيهة بسلال الأدباء والشعراء الذين قطفوا
وقطفوا...