الفصل الثالث
الرجل الغن
(( 14 ))
في مدينة الروضة شمالي البقاء، عاش ولد اسمه أمين وفتاة اسمها سمية، وقد عاشا في الحي
نفسه. اعتاد أمين النزول إلى الحي واللعب مع أطفاله، ولما كان عمره ستة أعوام، بدأت سمية ذات
العوام الربعة تنزل إلى الحي للعب كذلك. تكونت الصداقة بين الطفال جميعا، وبين أمين وسمية
بالذات، وتعلق أحدهما بالخر. ومضت اليام وكبر الفتيان، حتى بلغا، وبات كلهما يميز ما معنى
الحب. ولما كبرت سمية أمرها أبوها بأل تعود للنزول إلى الحي، لن سنها ل يسمح لها بالختلط
بالذكور الذين بعمرها أو أكبر منها. ورغم ذلك، ظل أمين وسمية يرى أحدهما الخر بين الفينة
والخر كلما مر أحدهما ببيت الخر، أو مر أحدهما بالخر وهما يسيران بالحي. ومع تتابع
النظرات وتواليها، تحول تعلق الطفلين أحدهما بالخر إلى حب جامح ل يستطيع الكون بأكمله
ترويضه. وفي النهاية قرر أمين أنه ل بد وأن يحادث سمية.
توجه أمين ذو الثمانية عشر عاما ذات صباح إلى موضع قريب من بيت سمية، وجعل يراقبه.
وفي الظهيرة خرجت سمية من البيت صحبة أختها. تبعهما أمين حتى باتتا بعيدتين عن دارهما.
وهناك نادى أمين: سمية.
التفت سمية وأختها ورأتا أمينا. اجتاحهما الخوف والرتباك، وصاحبه فرحة مناقضة شعرت
بها سمية.
فردت سمية بخجل وهي تنظر أرضا: أهل، أمين.
فقال: أهل بك.
ازدرد ريقه، ثم أضاف مرتبكا: هل لي أن أحادثك قليل؟
نظر إلى أختها ثم أكمل: على انفراد.
نظرت سمية إلى أختها، وكأنها تطلب منها أن تتركهما وحدهما.
فقالت أختها: سيقتلنا أبي لو علم بذلك.
فردت سمية: ل تخافي، لن يستغرق المر وقتا طويل.