رواية الزبير يجب أن يقتل

(LAITHTAHER) #1

ومع مرور الوقت، أصبح لديه عدد كبير من الجنود، حتى بات كأنه يمتلك جيشا تحت إمرته.


وبات معروفا في أنحاء البقاء كلها. ورغم كل ما حققه، فقد ظل يطمح للمزيد.


***


المغيرة منذ صغره كان فظا باردا جامدا، وامتازت تعابير وجهه بالجمود ولم تُظهر ما في قلبه.


وهو يشبه في كثير من هذه المور الزبير. ففي اليوم الذي نصب فيه المغيرة عمدة على الفيحاء،


اجتاحت الفرحة أهله وإياه، بيد أن الفرحة التي في قلبه لم تظهر جلية على محياه، وبدا عليه البرود


والجمود.


"مبارك، يا أعظم رجال الفيحاء" قال أخوه مسعود وهو فرحان، ويكاد وجهه يتشقق ابتساما.


فما كان من المغيرة إل أن قال – وببرود مستفز قد يصل حد الفظاظة-: شكرا.


لم يكن ذلك تكبرا أو غرورا، وإنما بسبب طبيعة شخصيته.


ورغم اعتياد مسعود على طبع أخيه، استغرب أنه حتى في هذه اللحظات التي قد ل تتكرر، ظل


أخوه يتصرف التصرف نفسه.


ومضى الجميع يرقصون ويغنون ويهتفون، بمن في ذلك أم المغيرة وأخواته ومسعود – أخيه


الوحيد من الذكور-. بينما التزم المغيرة بالهدوء. المر الذي زاد من استغراب مسعود، الذي تساءل


عن كمية القسوة في قلب أخيه.


***


وفي اليوم التالي لتنصيبه عمدة الفيحاء، توجه المغيرة لزيارة معلمه في الصغر، القطش.


فالخير كان أعز الناس على قلب المغيرة، ولم يكن ليفوت لقاءه وشكره، في مثل هذه المناسبة


العظيمة.


والقطش هذا يكبر المغيرة بثلثين عاما، وقد عرفه الخير منذ نعومة أظفاره. فوسط الجريمة


والفقر الذي عاشت فيه الفيحاء كلها، وبينما كان المغيرة فتى صغيرا يعاني ويلت هذه المدينة، فل


يجد إل القليل من الطعام والشراب واللباس، ودون تعليم، ظهر القطش في الحي الذي يسكنه


المغيرة، وتبرع لتعليم أطفال الحي كله، النافع من العلوم والتي علم منها الكثير. فجمع كل أطفال


الحي وبدأ بتعليمهم أفضل تعليم، وكل ذلك دون أي مقابل. ومما علمهم إياه ضرورة أل يصيروا


مجرمين أو لصوص أو حثالة، ككثير من أهل مدينتهم، بل وأن يسعوا - إذا أتيحت الفرصة لهم


يوما ما - إلى محاربة الجريمة والسرقة والفساد، وتطهير الفيحاء من كل هذا. تأثر الطفل المغيرة


بكل هذا، وكان كلم القطش الدافع البرز له، الذي خلق لديه رغبة جامحة في انتشال الفيحاء من


النحطاط إلى بر المان.


طرق المغيرة باب دار القطش، ففتحه الخير له. كان في الخمسين من عمره، وقد فقد كثيرا


من بصره.

Free download pdf