laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
دخل المغيرة وتبعه العجوز بعصاه وخطواته البطيئة.
وبعد مدة وصل العجوز وقال: اجلس، يا بني.
فقال المغيرة: ل يصح أن أجلس قبلك، يا معلمي.
فقال القطش: قلت لك: اجلس.
فجلس المغيرة، ثم ببطء شديد تحسس القطش الحائط وهو يحاول أن ينزل ويجلس، فنهض
المغيرة يريد مساعدته، فنهره القطش: منذ سنوات كثيرة، يتكرر كل هذا. إني أخبرك دوما أنني
أحب العتماد على نفسي فقط.
عاد المغيرة إلى جلسته بينما تحسس القطش الحائط بيده، في حين أمسك – بإحكام - عصاه
بيده الثانية، ونزل تدريجيا إلى أن جلس على الفراش على الرض، ثم أسند ظهره إلى الحائط
وأسند عصاه كذلك إلى الحائط.
ثم قال: ما الخطب؟
ظل المغيرة ملتزما الصمت، فقال القطش: ل تخجل، أخبرني بأي شيء.
بدأ المغيرة بالحديث، وأخبر القطش كل شيء، أخبره عن منيب ومقتل ابنه وعن الجائزة وعن
ابنته التي أضرمت النار في قلبه.
ثم قال المغيرة: المشكلة الحقيقية بدأت عندما أخبرني واحد من أقرب المقربين لي أنني لست ندا
لحورية وأن أنساها، وأن الملوك هم فقط من يستطيعون الزواج منها.
تنهد بعمق وشجن ثم أضاف: لطالما وثقت أتم ثقة بنفسي وبأنني رجل عظيم، لكن بعد أن
أخبرني صديقي بما أخبرني به، لول مرة بدأت أشكك في نفسي... دخلتُ في دوامة من الشك هل
أنا رجل عظيم ند لحورية... أم...
تلبك ونظر في الرض ضعفا، وخجل من معلمه، ثم أضاف بصوت خفيض حزين: أم إنني أقل
منها ولست ندا لها؟!
التزم الثنان الصمت لمدة، وبعدها قال القطش بصوته الهادئ الواثق، لكأنه نهر تسير فيه
قطرات الحكمة الواحدة تلو الخرى: ابتداء، أنا مستغرب من أمر، يا حبيبي وابني المغيرة... إن
كنت تبحث عن شريكة للحياة، عن زوجة وأم لولدك، فأولوليتك أن تكون البحث عن الخلق
والطيبة والخير بداخلها... ل أن تكون الولوية البحث عن النحناءات والثارة والجسد المغري
والوجه الحسن كما تفعل أنت... البحث عن الجمال ليس عيبا، بل هي فطرة النسان، لكن العيب أن
تجعله الولوية وأن تقدمه على الخلق والطبع.
أحس المغيرة بضيق وخجل.