laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
لقد أيقن المغيرة بأنه من شبه المستحيل أن يذهب هو ويجد جازيا؛ فهو أشبه بحبة رمل في
صحراء شاسعة؛ فهو قاطع طريق ل يسكن مكانا محددا، ولطالما حرص جيدا أل يعرف أحد أين
يقطن.
لهذا، قرر المغيرة أن يرمي له الطعم، فيخرج من جحره.
الزمان والمكان من أهم عناصر نجاح أية خطة، هذا ما أدركه المغيرة وهو يُحكم وضع
خطوات خطته.
بالنسبة للزمان، فلم يبدأ المغيرة بتنفيذ خطته فور علمه بجائزة منيب؛ لن هذا سيجعل جازيا
يشك أن هنالك ما يدبر له. وبالنسبة للمكان، فقد حرص المغيرة أل تنطلق القافلة من المينية مدينة
منيب، ول من الفيحاء مدينته، لن ذلك قد يثير الشك في نفس جازي، بأن أمرا ما يحاك له. لذا
أطلق المغيرة القافلة من مدينة ثالثة هي البادئة.
***
توجه المغيرة ومعه رأس جازي إلى المينية تحديدا إلى دار منيب، وهو يكاد يتشقق من
الداخل؛ بسبب اللهفة والشوق للجائزة اللغز، والفضول لمعرفة كنهها.
وصل هناك ودخل إلى الغرفة إياها التي قابل فيها منيبا المرة السابقة. وكالعادة جلست بجوار
منيب حورية، ووقف بجوارهما الرجل الذي يبدو خطيرا.
"مرحبا" قال المغيرة وهو يدخل الغرفة.
"أهل بك" رد منيب.
جلس المغيرة، ووقف على يمينه أحد مقاتليه، وعلى يساره واحد آخر منهم.
سر منيب حالما رأى المغيرة؛ فقد أدرك أن مجيئه يعني أنه حقق ما طلبه منه.
قال منيب: هل أتيتنا بما طلبنا؟
أومأ المغيرة برأسه موافقا، ثم قام من كرسيه ووضع قطعة من القماش بداخلها شيء أمام منيب
وحورية، ثم نظر إلى حورية، وكأنه يحذرها بنظراته بأن ما ستراه مفزع.
ابتسمت حورية ابتسامة ملؤها الغراء، وقالت بثقة: ل تخش علي، أرني ما معك.
عندها فك المغيرة قطعة القماش المربوطة بإحكام، فظهر رأس جازي جليا، وهو يمتلئ بالدماء.
توقع المغيرة أن يخيف المنظر حورية، لكن المفاجأة التي صدمته، أنها لم يرتعش لها جفن، بل
نظرت بثقة وابتسمت ابتسامة واسعة، لكأنها رجل شديد البأس خاض آلف المعارك!
قالت وهي تبتسم: بوركت أيها الصنديد، هذا معروف لن ننساه ما حيينا.