رواية الزبير يجب أن يقتل

(LAITHTAHER) #1

رحل المغيرة من دار القطش، وظل يتفكر في كلمه وفي المسألة شهورا كثيرة جدا، وهو


يتعذب ويتألم ألما عظيما. وقرر أن يطلقها وينصت لكلم معلمه. ولما اتجه لفعل ذلك نظر إلى


جسدها وتعابيرها المثيرة، ثم أنصت لصوتها الذي يغوي المتصوفين، فانهار فورا، وقرر أن يظل


معها للبد.


"أن أكون عبدا لكِ ولجسدكِ، خير من حرية وكرامة وعزة ولو مع نساء الرض أجمعين" هكذا


فكر.


***


أثناء الحرب المقيتة، ظل جيش ياقوتة يتوغل غربا في أراضي البقاء، وظل يحتل المناطق


الواحدة تلو الخرى ويقتل ويأسر ويعذب وينكل. ظل هذا مستمرا حتى وصل عند مدينة الفيحاء.


أخبر الملكَ خلدونا ملكَ ياقوتةَ، مستشاروه باستحالة احتللها؛ فقد علموا جيدا قوة أهلها وشدة


بأسهم، وصعوبة السيطرة على مدينة مزدحمة بالبنيان والسكان والزقة والحارات متراصة


البيوت.


لكنّ الملك خلدوناً بعناده وحقده على البقاء وكل مدنها وطمعه فيها، أصر على احتلل الفيحاء.


في البداية حاصرها أشهرا طويلة، ضَيّق فيها على أهلها، طمعا في أن يستسملوا له أو على


القل أن يخرجوا من المدينة، فيسهل القضاء عليهم. لكن أهلها بقيادة عمدتهم القوي المغيرة


صمدوا وثبتوا.


عندها قرر الملك خلدون أن يدخل إليها، رغم تحذيرات مستشاريه. فأمر عددا كبيرا من أرتال


جيشه باقتحامها. فلما دخلوها عانوا في أزقتها، وبسبب أهلها القساة الذين عجنتهم الحياة بقسوتها،


فاتبعوا أسلوب حرب العصابات، وكانوا يضربون بأعداد قليلة من المقاتلين جنود ياقوتة الكثر ثم


يهربون، وكثيرا ما أطلقوا السهام عليهم فاغتالوهم، وأكثروا من الهجمات في الليل، وفاجؤوا جنود


ياقوتة، فأهل الفيحاء حفظوها زقاقا زقاقا وحارة حارة، على العكس من جنود ياقوتة الذين لم يكن


لهم في المدينة ناقة ول جمل.


وفي النهاية لم يستطع جيش ياقوتة احتلل الفيحاء، التي وقفت أمامهم حصنا منيعا؛ بسبب قوة


أهلها، ول سيما مع قوة عمدتها المغيرة.


عندها قرر الملك خلدون أن يتوقف، رغم أن ذلك نغص عليه عيشه. فقرر أن يعرض على


المغيرة أن يخفض الضرائب على الفيحاء إلى الثلث، مقارنة بما أخذه الملك من سائر أراضي


البقاء التي احتلها. وكذلك عرض على المغيرة أن تتمتع الفيحاء بحكم ذاتي، فل يتدخل الملك


بشؤونها الداخلية، لكنها ستظل تابعة لمملكة ياقوتة. وإذا لم يرضَ المغيرة بذلك، فيسظل الملك


يحاصر الفيحاء أبد الدهر.

Free download pdf