رواية الزبير يجب أن يقتل

(LAITHTAHER) #1

كان الشيخ سعد قد أبقى عددا قليل من المقاتلين في أرض قبيلة القاسمين. فلما سمع هؤلء


المقاتلون، ومن وُجد في القبيلة من نساء وأطفال وشيوخ، كلم المنادي، أيقنوا أن الستسلم هو


الخيار الوحيد.


أمر الشيخ عامر بجمع كل القاسمين في ساحة في أرض القبيلة. فلما اجتمعوا خطب فيهم قائل:


أيها القاسمون، علينا أن ننسى ما سال بيننا من دماء. لقد قتلتم منا كما قتلنا منكم.


لقد عرضت على شيخكم الراحل السلم مقابل أن ينصاع لي لكنه رفض، وما قتالي لكم إل بسبب


رفضه. ما أريده ليس طموحا شخصيا، كل ما أريده هو أن أوحد قبائل الكثبة حتى تصبح يدا


واحدة، وحتى تصبح قوة يخشاها الجميع، ول يجرؤ أحد على التعدي على بعضها كما يحدث الن


وحدث من قبل.


اليوم أمد لكم يد السلم، اعتبروني أخا لكم، ل قائدا عليكم، أنتم من اليوم جزء منا ونحن جزء


منكم، من احتاج منكم حاجة قضيتها له، ومن اعْتُدي عليه ثأرت له. أنتم ونحن منذ الن قوم واحد.


ولثبت لكم حسن نيتي، فسأصرف لكم من مالي مبلغا معينا يرضيكم ويكفيكم. ومن ينضمّ إلي


من مقاتليكم فسيكون له نصيب أكبر من المال. فأرسلوا إلى مقاتليكم الذين تركوا أرض المعركة


ضدنا، أنهم في أمان إذا عادوا وأعلنوا لي الولء، وأنني سأعطيهم ما يرضيهم.


استغرب الجميع من الطرفين ما قاله، وقد سبق استغراب السد استغراب القاسمين. فكيف


برجل يغزو قبيلة فينتصر عليها، ثم يعطي أهلها المال، بدل أن يستولي على أموالهم؟!


لكن ما لم يعرفه كثيرون منهم، هو أن الشيخ عامرا، رغم أن أسلوبه اعتمد بالساس على القوة


والقسوة، إل أنه مزج معه قليل من الحكمة والعقلنية، وقد عرف جيدا، أن الترهيب يجب أن


يجتمع معه الترغيب حتى يحقق مبتغاه. هو كان بحاجة لكل مقاتل ممكن لتحقيق طموحه، ومعاداة


القبائل التي سينتصر عليها لن تكون إل عقبة في طريق خطته.


لقد كان عامر خطيبا مفوها، وداهية، واستطاع بمعسول الكلم أن يكسب قلوب قبيلة القاسمين


التي انصاعت له في نهاية المطاف. وقد اتسم كذلك بأنه قد يقول عكس ما يُبطن، فقد ذكر أن هدفه


الرئيس هو جعل قبائل الكثبة هي القوى، ربما هو أراد ذلك، لكن ما أراده بالدرجة الولى هو


تحقيق المجد والطموح.


***


استمر الشيخ عامر بقتال قبائل الكثبة الواحدة تلو الخرى، وكلما هزم قبيلة تعمد قتل شيخها


وإعطاء أهلها المال، وإعطاء من ينضم إلى مقاتليه من فرسانها نصيبا أكبر من المال، وكل هذا


ضمن أسلوبه بالجمع بين الترهيب والترغيب.


أما إذا خضعت له قبيلة دون قتال، فإنه يعفو عن شيخها فل يقتله وعن مقاتليها فل يقتلهم ول


يأسرهم، وأيضا يصرف لهم المال، ويصبحون أتباعه ويقاتلون معه.


ومر عامان على بدء الشيخ عامر لحملته للسيطرة على الكثبة، وخلل هذه المدة أخضع كثيرا


من القبائل لسلطته، وغدا جل أفراد القبائل يحبونه؛ لنه أنفق عليهم كثيرا من المال ولنه تكفل


بحمايتهم، وبات كثير من فرسانها جنودا له يقاتلون تحت إمرته.


***

Free download pdf