الفصل السابع
الرب الثانية
(( 26 ))
كم ليلة - طيلة هذه السنوات الكثيرة – تألم الزبير، وحرمه الرق من النوم، وهو يتذكر مشهد
مقتل جده، وهو يتوق للنتقام من ملك الهيجاء، وهو يشعر بالخزي والعار والندم؛ لنه ترك جده
يُقتل بينما فر من أرض المعركة!
كم كابوس - تكرر مرارا في ليالي ل تعد ول تحصى- عن مشهد مقتل جده، وكم كابوس أتاه
عن معاتبة جده له وسؤاله له كيف تركه يُذبح دون أن يسانده! تلك الكوابيس امتلت بالدم الذي
يسيل من جسد جده، وملت جوف الزبير رعبا رغم شدة قوته وبأسه!
امتلت أيامه كلها بالتنغيص واللم؛ ولهذا كله وجب النتقام، وبات الهاجس الول الذي يشغل
باله.
لم يكن تحرير الجزاء الشرقية من البقاء ومحاربة ياقوتة النهاية، بل كان ذلك محطة في خطة
الزبير، فقد كان ل بد من تحرير الغرب ومقاتلة الهيجاء.
لكن هذه المرة لم يكن المر وطنيا فحسب للزبير، بل شخصيا كذلك.
"إذا اشتعلت النار بداخله رغبة في النتقام، لماذا إذاً بدأ بمحاربة ياقوتة قبل الهيجاء؟!"
هو لم يرد أن يقول الناس إنه يفضل مصلحته على مصلحة البقاء، ويفكر بنفسه أكثر منها،
وعوضا عن التجاه شرقا لتحرير العاصمة المعتزة يتجه غربا لسباب شخصية.
بالنسبة للحرب مع الهيجاء، افتقد ثوار البقاء عنصر المفاجأة الذي صب في مصلحتهم عندما
قاتلوا ياقوتة؛ فل بد وأن ملك الهيجاء علم - بعد ما حدث - أن الثوار سيقاتلونه عاجل أم آجل.
لهذا أدرك الزبير أنه ل بد من الصبر، ل سيما وأن الثوار يفتقدون النسجام والتدريب والتنظيم
الموجودين عند جيش الهيجاء.
لذلك بنى خطته على تأجيل قتال ملك الهيجاء ستة أشهر، بحيث يتدرب الثوار في هذه الفترة
الطويلة جدا تدريبا كافيا، يستحيلون به جيشا نظاميا قويا منسقا منسجما.