رواية الزبير يجب أن يقتل

(LAITHTAHER) #1

ليناشدكم أن تعذروه، وأن تتفهموا أن غيابه ليس بمقصود، وإنما هو اضطراري، وأنه سيعوضكم


عن هذا الغياب بأمور لهي خير لكم فيما بعد. وقد وكلني جللة الملك أن أتكفل بمهمة التكريم نيابة


عنه في هذا اليوم الجليل.


حزن جاسم والقوياء الثلثة وكثير من الحاضرين لغياب الملك؛ فوجوده - بحد ذاته – أهم من


التكريم نفسه.


وفي أثناء كل هذا الخطاب حرك الزبير يديه بثقة بالغة، وبثقة بالغة قلب ناظريه بين الحضور.


سكت الزبير لمدة ثم أكمل: كما تعلمون فإن مملكتنا مباركة، وأجمل ممالك هذه البسيطة، وجزء


من جنة ال على هذه الرض. وقبل الحرب المقيتة، لطالما شهدت مملكتنا الرخاء والعدل والثراء،


والهم المحبة بين أهلها بعضهم لبعض، وبين ملوكها وأهلها. ومن عادات البشر، أن أي شيء


جميل وفريد ومميز، ل بد وأن يحسدوه، ول بد وأن يسعوا لتدميره. وهذا ما دفع أعداءنا الضباع


من المملكتين المجاورتين إلى الغدر بمملكتنا واحتللها. لقد عشنا أياما سوداء قاتمة بعد الحرب


المقيتة، من ملكنا المعظم إلى أقل واحد فينا. كلنا عانينا وكلنا ذقنا المرين، واستمر المر سنين


كثيرة جدا، وأعداؤنا فرحون منتصرون ونحن حزينون مهزومون. ثم أتى يوم جميل بدأته أنا، ول


أزكي نفسي. ولم أكن وحدي، فلم أكن إل حجر الساس في ثورتنا المجيدة، التي أحاط بها وعلها


رجال عظماء أهمهم جللة الملك وابنه سمو المير، ورجال أشداء هم أنتم، يا من تشرفوننا اليوم


بحضوركم الكريم.


عندها بدأ الجميع بالتصفيق الحار لكلم الزبير، والحماسة تتدفق في عروقهم التي امتلت


بالدماء لشدة قوة كلم الزبير وروعته، حتى إن كثيرا من الحضور في المدرج وقفوا وهم يصفقون


له.


ثم أكمل الزبير: وأتت الثورة، وكانت شمسا ساطعة جميلة – كشمس يومنا المبارك هذا –


وبددت ظلمة الليالي التي أسكننا فيها أعداؤنا. فانقلبت المور، وانقلب السحر على الساحر، وملت


حياتنا سعادة ونصرا وعزة، وملت حياة أعدائنا في مملكتي الغدر المجاورتين ذل وهزيمة


وعارا، ملتها نكدا وسوادا لن يزولوا أبد الدهر. فقد عبثوا مع المملكة الخطأ، وعبثوا مع الرجال


الخطأ...


وظل جاسم يومئ برأسه موافقا كلم الزبير.


ثم علّى الزبير نبرة صوته، وهو يقول: ولم يعرفوا أنه حتى الجن إذا عبثت مع رجال البقاء،


فإنها ستدفع الثمن غاليا ولن يهدأ لها بال.


عندها جن جنون الحضور، ووقفوا جميعا بل استثناء، حتى القوياء الثلثة، والقائد جاسم،


وجعل الجميع يصفقون بحرارة حتى كادت أيديهم تسيل منها الدماء، بل إن بعض الحضور بدأ


بالتصفير، فالحماسة والروعة والبلغة في كلم الزبير، الخطيب الواثق المفوه ل مثيل لها.

Free download pdf