laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
طلب الزبير من داهية الكثبة أن يتقصى حال سمية، ويعلمه به. وبسرعة هائلة جلب الداهية
النباء. فاجتمع بالزبير في شرفة السد، البقعة في القصر المطلة على الهواء الطلق، والتي توج
فيها الزبير ذات يوما ملكا على البقاء.
"للسف، أيها الزبير، أخبار سمية ل تسر" قال الداهية.
استاء الزبير، رغم أنه توقع أن هذا هو حال سمية.
وأكمل الداهية: المرأة في قمة النهيار والحزن. ل تتوقف عن البكاء، والدموع تمل جسدها
ولباسها دوما. وتمتنع عن الطعام والشراب والنوم وحتى عن لقاء أهلها أو أهل أمين... وهي تظل
مستلقية على السرير في غرفتها وحدها، وهي تمسك بلباس أمين، حتى تشتم رائحته لتتذكر أيامها
معه.
تنهد الداهية، ثم أكمل: حتى إنه بات يقال إنها أحزن إنسان عرفته البقاء في تاريخها كله.
صمت الداهية وبادله الزبير بصمت مطبق. واجتاح الخير حزن عارم وألم عظيم جدا، فأكثر
ما يمكن أن يؤلم أي امرئ هو ألم أحب الناس عليه، وقد كانت سمية أحب البشر على قلبه دون أي
منافس. وازداد حزنه؛ لنه أيقن جيدا أنه من الصعب جدا أن تنسى سمية أمينا، ما من شأنه – لو
حدث – إفساح المجال للزبير ليكون معها!
وقد أمر الزبير بإرسال مئة ألف درهم ذهبي إلى سمية، تعويضا لها عن فقدها لمين، وتكريما
لذكراه بعد كل ما أداه في الثورة، لكنها رفضت المبلغ رفضا قاطعا. وقد واسى الزبير نفسه بأنها
غالبا رفضت المبلغ؛ احتراما لذكرى أمين وأنه ل يعوض، وليس كرها للزبير.
***