(( 40 ))
وحان موعد أول اجتماع رسمي للزبير بعد زواجه من حورية. وقد وجب عليه أن يفي بوعد
الشرف الذي منحه إياها، بجعلها ندا له. ولذلك سمح لها بحضور الجتماع.
عقد الجتماع في ساحة السد، حيث جلس الزبير على كرسي العرش بالقرب من الحائط
وجلست بجواره حورية على كرسي مماثل. وقد لبست أجمل لباس وتزينت بأحسن زينة تليق بملكة
البقاء بأكملها. وعلى يمينها بمسافة ليست ببعيدة، وقف عكرمة حارسها وقفته المعتادة، بإسناد يده
اليسرى إلى اليمنى، وإسناد الخيرة إلى ظهره.
الطرف الثاني للجتماع كان أحد عمال الدولة المهمين، وقد كلف بجمع الضرائب من منطقة
الغُرَيرة، وهي منطقة تقع في الوسط، شمالي البقاء.
"تحيتي، جللة الملك" قال عامل الدولة، وهو ينحني باتجاه الزبير.
ثم استوى من انحناءته، وانحنى من جديد نحو الملكة، ثم قال: تحيتي، جللة الملكة.
ثم استوى من انحناءته، بينما شعرت حورية بنشوة ل مثيل لها، بعد أن بات الناس يخاطبونها
بالملكة، فاليوم باتت رسميا أعظم امرأة في البقاء كلها، بل ربما في البقاء وما أحاط بها من ممالك.
"مولي، أتأذن لي بالحديث؟" سأل العامل.
وفورا قالت حورية: تفضل، آذن لك.
تفاجأ العامل من حديث حورية قبل الزبير؛ وهو قد عهد من الزبير القوة والشدة.
هم الرجل بالحديث فبدأ بالقول: مول...
فقاطعه الزبير بسرعة، وهو يشير بيده له بالتوقف، وهو يقول: انتظر... انتظر...
ثم نظر الزبير إلى حورية، وسأل: من أذن لكِ بالكلم؟!
بوغتت حورية بالسؤال، وأجابت: نحن اتفقنا على هذا.
فقال الزبير: نحن اتفقنا أن يكون لك شأن مثل شأني، وليس أعظم من شأني لتسبقيني في
الحديث.
ردت بوقاحة: بل أكثر منك.
تنهد الزبير، وقال وهو غاضب: لن أرد عليك هنا أمام الناس. قومي وغادري الساحة.
"لن أغادر" قالت بصرامة وعناد.