رواية الزبير يجب أن يقتل

(LAITHTAHER) #1

صمت قليل ثم أكمل: ولكن نحن البدو، لدينا يجب أن تحترم المرأة بعلها. هذا ل يعني أنها ذليلة


أو مهانة، بل يكرمها زوجها ويسعدها وينفق عليها. لكن يجب أن تحترمه، وأن تكون الكلمة


الخيرة له، تماما كما يحترم البن أباه، والبنت أمها، وكما يحترم الصغير الكبير، وكما يحترم


الرجل العادي شيخ القبيلة.


هنالك فرق بين الحترام والذل. هذا ما يجب أن تفهميه.


فأصرت من جديد بقولها: خسئت أن تكون أفضل مني.


فقال: قلت لك: لو كان رجل من المدينة قالت له زوجه ما قلتِه، للطمها. لكن لن أفعل ذلك... بل


سأؤدبك شر تأديب إن لم تنتهي... تذكري كلمي جيدا... واعلمي أن لي أساليبي الخاصة. أيام


المغيرة الضعيف قد ولت، والن زوجك هو الزبير القوي الذي ل يمكن أن تسوقه امرأة كما تساق


البعير.


فقالت، وقد وصل غضبها قمته: أريد الذهاب لهلي.


"لن تذهبي إل عندما أسمح لك أنا" قال الزبير، وأضاف: أنصتي لي جيدا، أنا ل أخلف وعودي.


لقد وعدتك أن تحضري اجتماعاتي ولقاءاتي، ولن أخلف وعدي. ولكن إياكِ أن تتحدثي فيها دون


إذني... وإياك أن تغادري القصر دون إذني.


وضع كأس العصير على الطاولة، وغادر الغرفة بسرعة وهو غاضب، بينما ظلت حورية


تحترق غضبا.


***


منذ اللحظة التي انتقل فيها زبيدة وحسن ابنا المغيرة وحورية، للعيش في قصر الكثبة مع الزبير


وأمهما، لحظ الزبير مدى جمال الطفلين، إذ ورثا عن أمهما صفات الجمال من شدة بياض


البشرة، والعيون الرمادية، والشعر الصهب، لكن أكثر ما لفت انتباهه هو أنهم ورثوا تعابير وجه


أبيهم نفسها، تلك المملوءة بالهدوء، والتي فيها لمسة عميقة من الحزن. وكلما نظر إليهما تذكر


أبيهما – الذي كان يوما ما ليس ببعيد صديقه – وحزن على ما فعله به من خطف زوجته والهم


أبنائه.


ما لم يعرفه كثيرون، حتى أقرب المقربين من الزبير، أنه رغم قسوته وشدته التي قد يعتبرها


الكثيرون فظاظة، إل أنه أحب الطفال بجنون، ولم يتمنّ شيئا كما تمنى أن يكون له طفل من


صلبه. لقد اعتبر الطفال ملئكة ال على الرض، واعتبرهم مخلوقات كلها بيضاء من الداخل،


مملوءة بالخير دون ذرة سواد من خبث أو شر.


وزبيدة وحسن لم يشكل استثناء، فقد أحبهما الزبير من كل قلبه، وتمنى لو أنهما يبادلنه المحبة.


ولكن لسوء حظه، فإن ذلك لم يحدث.

Free download pdf