laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
أما حسن فركض بسرعة نحو الشبل، وقال مخاطبا الزبير للمرة الولى في حياته: ما هذا؟!
أخبرنا. إنه شبل أسد، أليس كذلك؟! لقد رأيت رسومات للسود في كتب الحكايات لدينا في الفيحاء.
ابتسم الزبير ابتسامة عريضة؛ فأخيرا حادثه الطفل الذي تمنى من كل قلبه أن يكون ابنه، أو
على القل أن يحادثه ويبادله المحبة.
قال الزبير: نعم، إنه شبل أسد صغير.
جعل الشبل يركض ويلعب في الغرفة، وبدت عليه أقصى مظاهر البراءة واللطف، كانت عينيه
واسعتين كثيرا، وملونتين بعدة ألوان، وكان فمه رقيقا جدا ووجه وذقنه جميلين جدا.
وبينما تحرك الشبل في الغرفة، جعلت زبيدة ترتجف أكثر، ثم طفقت تصرخ من شدة الخوف.
فركض حسن نحوها، وضحك بسخرية قائل: أيتها الجبانة!
ثم ركض نحو الشبل وجعل يداعبه ويحرك يديه على رأس الشبل، ويتلمس وجهه.
توجه الزبير فورا نحو زبيدة، وأمسكها من ذراعيها بحنية، وقال بحنية أكبر – لم يعتدها الناس
من الزبير-: بنيتي، ل تخافي... لن يؤذيك ما دمت معك... وما دمت معك، فلن يتمكن إنسي ول
جني من إيذائك.
اتسم كلمه بقمة الجمال والرقي والشاعرية، وسكنت نفس البنت وأحست بالطمأنينة؛ فأقوى
رجل بالبقاء، تكفل بحمايتها مدى العمر.
توجه الزبير نحو الشبل، وأمسكه بيديه، ووضعه في حضنه، ثم خاطب زبيدة وهو بعيد عنها:
تعالي، والمسيه. هو ليس شرسا كالسود الكبار... ل تخافي، سأحميك، إذا حاول إيذاءك.
عندها اقتربت زبيدة بخطوات بطيئة، ولما وصلت إلى الزبير نزل – بتواضع أثار استغراب
الطفلين- على ركبته، وخاطبها: المسي رأسه.
فمدت زبيدة يدها ببطء ثم تراجعت، لكنها استجمعت قوتها، ومدت يدها ولمست رأس الشبل،
الذي اتسم بأنه أملس جدا.
ثم سحبت يدها بسرعة، لكنها لما لحظت هدوء الشبل وأُلْفَتِه وعدم شراسته، جعلت تتلمس
رأسه.
أما حسن الذي وقف بالقرب منهما، فمد يده وجعل يداعب الشبل مع زبيدة، ثم أخذه من حضن
الزبير وحضنه وضمه إليه، وجعل يداعبه.
بعد مدة وضع حسن الشبل على الرض، وجعل يلحقه، بينما نظرت إليهما زبيدة باهتمام
وفرحة بالغين.
كل هذا على مرأى الزبير، الذي شعر بفرحة عامرة.