laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
أجزائها إبان فترة الزبير، مهدوما، أو مكسّرا متهتكا. وقد وقعت بين العاصمة المعتزة ومدينة
الفيحاء.
فلما وصلوا، وجدوا الزبير ومن معه قد عسكروا مقابل الطرف الخر من القلعة. وضم
المعسكر زبيدة وحسنا وقيسا والنسور السوداء وعددا هائل جدا من جنود الزبير. وقد حرص
الزبير على القدوم منذ الفجر، وسط حراسة مشددة، وقبل قدومه جعل جنوده يتفقدون المدينة حيا
حيا، وحارة حارة، حتى يتأكدوا أن المغيرة لم يجهز أية مفاجئات.
توجه أحد جنود الزبير إلى معسكر المغيرة، فلما بلغهم، قال وهو على جواده مخاطبا المغيرة:
السلم عليكم. جللة الملك يريد مسعودا، كي يرسل إليك الطفلين.
نظر المغيرة إلى أخيه، وقال: اذهب إليهم، يا مسعود.
ثم احتضن أخاه بقوة، وبعدما ترك الخوان أحدهما الثاني، نظر المغيرة بجدية إلى أخيه، وقال:
ل تخف، يا مسعود. وال لو آذاك، فلن أهدأ حتى أتي برأسه ورؤوس كل أهله.
أومأ مسعود برأسه مظهرا تفهمه لكلم المغيرة، رغم أنه علم أن الخير ليس بمقدوره الوفاء
بقسمه، فلو تمكن من إيذاء الزبير، لذاه مذ سلب منه زوجه وأولده!
ورغم كل هذا، مسعود كان مستعدا للتضحية من أجل أخيه وسعادته، لذلك ركب جواده، وذهب
مع جندي الزبير.
وبعد أن وصل مسعود إلى معسكر الزبير، أرسل الزبير الطفلين مع أحد جنوده إلى معسكر
المغيرة، وطفق يراقب ماذا سيحدث من بعيد هو وقيس.
ولما وصل الطفلن إلى معسكر المغيرة، ركض الخير – الذي كان يوما ما فارسا مغوارا ل
يشق له غبار – كالطفال بجنون نحوهم، وركض الطفلن نحوه، واحتضن الثلثة بعضهم بعضا،
وطفقوا يجشهون بالبكاء، وبكى المغيرة كالطفل الصغير.
فلما رأى الزبير كل هذا، حزن حزنا عظيما، ودمّعت عيناه، فرأى قيس ذلك.
وأخبر الجنديّ المغيرةَ، أنه معه حتى مغرب الشمس لعادة الطفلين إلى الزبير.
بعدها غادر الزبير وقيس والنسور السوداء وعدد من الجنود معسكرهم، وذهبوا إلى غابة غربيّ
الشيمية، ليستريحوا فيها.
وعندما وصلوها، قال قيس مخاطبا النسور السوداء ومن وجد من الجنود: أريد محادثة الملك
وحدنا.
فأومأ الزبير برأسه إلى النسور قائل: دعونا وحدنا.
فرحلوا جميعا، وظل الزبير وقيس وحدهما.