laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
القسوة والشدة، ولكنه سرعان ما تذكر أنه حتى أقوى الوحوش، وأشرس السباع، لها قلوب تنبض
وتحس وتشعر.
وبعد أن التقى الطفلن بأبيهما، جعل المغيرة يمشي مع زبيدة وحسن وحدهم في قلعة الشيمية
المهجورة، حيث أحاطت بهم هنا وهناك الحجارة التي وقعت من بنيان القلعة، وانتشرت الرمال
والتربة في كل مكان، وشكلت القلعة مكانا أثريا جميل يسر الناظرين.
سألهما المغيرة عن أحوالهما في قصر الكثبة ليطمئن عليهما، وسألهما ماذا يفعلن خلل
أيامهما، وأكثر من إخبارهما بمدى حبه العظيم لهما وشوقه الجارف إليهما.
وأتت لحظة كان ل بد منها، فسأل: كيف يعاملكما الزبير؟
فأجابت زبيدة: أفضل معاملة.
فنظر المغيرة في الرض حزنا؛ لنه هو الذي يجب أن يكون معهما، ل رجل آخر ل يقرب
لهما.
فقال حسن: أبي، الزبير يحبك... ويقول إنك صديقه.
غضب المغيرة؛ لن الزبير آذاه أيما إيذاء، ورفض الكلم في الموضوع، وأكمل الحديث في
موضوع آخر.
ورغم أنهما بقيا معه، منذ الصباح إلى المساء، تجنب المغيرة السؤال عن أمهما عمدا؛ فهو ل
يطيق مجرد ذكر المرأة التي خانته ودمرت حياته.
وحل المساء، وحانت لحظة الفراق، وبينما عل السماء، شفق الشمس الغائبة، ودع المغيرة ابنيه
وكلهم يجهشون في البكاء، على مرأى من الزبير الذي تمكن من رؤيتهم من خلل الضوء الخفيف
للشمس الغاربة، فحزن حزنا عظيما من جديد.
وعاد الطفلن إلى الزبير، وحضن بعضهم بعضا، وقال الطفلن: شكرا، يا عم.
فرح الزبير كثيرا، ومنذ تلك اللحظة تعمقت علقته كثيرا بالطفلين.
وسرعان ما أرجع مسعودا – الذي أكرم وفادته وضيافته – إلى أخيه المغيرة.
ومنذ ذلك اليوم صار الطفلن يلتقيان أباهما مرتين كل شهر، وفق هذه الظروف والشروط
نفسها.
***