رواية الزبير يجب أن يقتل

(LAITHTAHER) #1

ثم قال الزبير: الولد الصغار، عندما يقسو آباؤهم عليهم، يستاؤون من ذلك، لنهم للسف


عقولهم قاصرة في تلك العمار. ولكن بعد سنوات عندما يكبرون ويتذكرون تلك المواقف يفرحون


ويشكرون آباءهم؛ لنهم يعلمون حينئذ أن ذلك كان لمصلحتهم... والب الذي يحب أبناءه حبا


حقيقيا هو الذي يقسو عليهم حين يخطئون... وأنت بعد سنين ستتذكرين كل هذا وستشكرينني.


لم ترد حورية ببنت شفة؛ فكل ما أرادته في تلك اللحظة هو الخروج من هذا الجحيم تحت


الرض، والذي وجدت فيه في أسابيع شقاء أنساها سعادة السنوات الطويلة قبل ذلك ورخاءها،


حيث كانت الليلة في تلك الزنزانة القذرة بألف سنة.


لقد تميز الزبير بالقوة والذكاء والشدة، وتميز باحترام أعدائه وخصومه وعدم الستخفاف بهم،


وتميز بدراسة نفسيات كل منهم ونقاط ضعفه، ولعب على هذه النقاط. وهكذا لمعرفته بنفسية


حورية؛ تمكن من تحطيمها وكسرها من الداخل.


خرجت حورية، وعادت إلى غرفتها، وسرعان ما حممتها الجواري، وسرعان ما تناولت


الطعام والشراب اللذيذين الفاخرين، والهم سرعان ما التقت ابنيها، فانفجرت بالبكاء، وكانت تلك


أول مرة تبكي فيها أمام أحد في العالم. ثم رأت عكرمة الذي نظر إليها بحزن؛ لنه فشل في


حمايتها. ورأت جاريتها زمردة، التي احتضنت الملكة بحزن وشفقة، وجعلت تقول لها ما من شأنه


أن يخفف عنها ويطمئنها.


***


بعد فترة وجيزة من احتجاز الزبير لزوجه؛ طفقت الشاعات تنتشر خارج القصر، وفي شتى


أنحاء البقاء بأن الزبير سجن حورية. لم يصدق كثير من الناس ذلك، فهل يعقل أن أقوى امرأة


عرفتها البقاء عبر تاريخها، يتم إذللها وإهانتها بل ومعاملتها معاملة المجرمين والمساجين.


وقد استشرت هذه الشاعات حتى بلغت منيبا أبا حورية. فلما علم بذلك، توجه نحو قصر الكثبة


لزيارة ابنته، وحينئذ كان الزبير قد أطلق سراحها.


دخل منيب على شرفة النسور السوداء، فوجد الملك الزبير والملكة حورية بانتظاره وهما


يجلسان على كرسيي العرش.


"مرحبا بكما" قال منيب بغضب؛ بسبب ما سمعه من إشاعات.


فرد الزبير بهدوء وبرود: أهل، بعمي... كيف حالك؟ وكيف حال عمتي وأبنائك؟


فتح منيب عينيه اللتين احمرتا، من شدة الغضب، وتجاهل الزبير، ونظر نحو ابنته، وقال: كيف


حالك، يا حورية؟


ظلت حورية صامتة، وهي لم تنبس ببنت شفة من بداية اللقاء، رغم أنها اعتادت أن تكون


المبادرة في الحديث سواء عندما كانت تسكن في بيت أبيها، أو بيت المغيرة. كما أنها منذ بداية


اللقاء، وعكس ما عودت الناس عليه - من ابتسامتها المثيرة، وقسمات وجهها المغرية، وجلستها

Free download pdf