رواية الزبير يجب أن يقتل

(LAITHTAHER) #1

وظلت الغارات تتكرر على القوافل. ولما سمع الزبير بالضغوط التي تعرض لها الملك لحل


المعضلة، قرر إرسال رسول لمفاوضة الملك. فاقترح المر على الشيخ دريد فوافق، وأشار عليه


باختيار رجل معين رسول، فوافق كذلك.


لقد أدرك الزبير أن أهل الكثبة بمفردهم غير قادرين على هزيمة الوحش الضخم المتمثل بمملكة


الهيجاء. لذا أيقن أن أفضل ما يمكن فعله هو مفاوضة الملك هزيم والحصول على أكبر المكتسبات


منه.


ورغم العداوة المقيتة بين أهل الكثبة وبين الملك هزيم، فإن الزبير تيقن بأن الملك لن يقتل


رسوله. كان من المعروف عند أهل البقاء ومملكتي الهيجاء وياقوتة اللتين جاورتاها أن من يقتل


الرسل يوصم بالعار مدى عمره، ويحتقره الجميع حتى أقرب المقربين إليه. ويعود ذلك إلى ما


حدث لخر من فعل ذلك في هذه الممالك جميعها وهو أسود الوجه الحنشي. لقد عاش أسود الوجه


في الفترة التي سبقت فترة الزبير بما يقرب اللف عام. وقد كان ملكا لمملكة مركزها منطقة الحنش


الواقعة شرقي مملكة البقاء. وبالطبع لم يكن أسود الوجه جسديا، بل معنويا. وقد لقب بذلك؛ لنه


قتل رسول أرسله له ملك عدو له كان يحاربه، ثم قطع أطرافه ورماه في وسط الحنش. وقد اعتبر


ذلك خرقا للعادات والتقاليد ونقضا للمروءة والخلق، واستقواء على الضعيف الذي أتى مسالما


لسود الوجه. وبات الجميع يلقبونه بهذا اللقب دللة على أن وجهه أسود بعد الفعل القبيح الذي


فعله. وقد احتقره الجميع، وأولهم أهل مملكته، وحتى أقرب المقربين إليه بمن فيهم أصدقاؤه


وعائلته واعتبروه أسوأ ممن يبيع نفسه للشيطان. وظل أهل مملكته يصمونه بالعار هو وأهله، ولم


يستطع أهله أن يظلوا وسط هذا العار، وانتهى المر بأن قتل أسود الوجه من قبل أخيه ليغسل العار


الذي وصمهم به. ورغم أن كثيرا من الناس آمنوا بأن هذه مجرد أسطورة، إل أنه منذ ذلك اليوم


قبل ألف عام لم يجرؤ أي من أهل الممالك الثلث على قتل أي رسول. لهذا كله اطمئن الزبير أن


الملك هزيم لن يقتل رسول الكثبة.


الرجل الذي اختاره الزبير كان شيخ إحدى قبائل الكثبة، وأمهر أهل الكثبة في التفاوض


والمراوغة على الطلق. واسمه هو ضرار. جل البدو من أهل الكثبة، تميزوا بالذكاء، وفيهم


مكر، ولطالما لجؤوا للخدع؛ لن جلهم فقير قليل الحيلة، والظروف الصعبة، من قسوة صحرائها


ونار شمسها وقلة مطرها، أجبرتهم على تطوير نفسهم من النواحي المذكورة. ورغم كل ذلك،


تميز ضرار بأنه أدهاهم في المفاوضات، وأكثرهم مهارة فيها.


دعاه الزبير إلى أرض قبيلة السد، فلبى الدعوة.


واجتمع به الزبير في داره.


كان رجل نحيل، طويل قليل، ذي عضلت بارزة، أنيقا في لباسه والعطر الذي يضعه، له شعر


أسود على ذقنه، في حين يخلو باقي أنحاء وجهه من الشعر. وله شعر رأس أسود كثيف يمشطه


تمشيطا جميل أنيقا. وأكثر ما تميز به، هي ابتسامته الصفراء التي تحمل في طياتها كثيرا من


الخداع والمكر والدهاء.

Free download pdf