رواية الزبير يجب أن يقتل

(LAITHTAHER) #1
(( 7 ))

بعد وفاة الشيخ دريد، تجمع الناس لداء واجب العزاء في داره. أتى من كل قبيلة تدين بالولء
للشيخ وفد يضم شيخ القبيلة وكبارها ووجهاءَها. لقد كان الشيخ بمثابة ملك غير متوج لصحراء
الكثبة، وقد حسب كل من سكنها أو مر بها ألف حساب له.
قبل العزاء وقبل أن يعلم أهل الشيخ الخرين بوفاته، وبينما نظر الزبير إلى جثمان أخيه،
والدموع تتساقط غزيرة من عينيه، رأى ابن أخيه سهيلً يبكي البكاء المر وقد احمرت وجنتاه.
تمالك الزبير نفسه، وكبح دموعه، فقد علم أنه يشكل مثال لسهيل يقتدي به، ويجب عليه أن يكون
قويا وأن يتماسك، حتى يكون سهيل قويا ويتماسك بدوره.
اتجه الزبير إلى سهيل الباكي، وجلس القرفصاء، ووضعه يديه على كتفي سهيل، وقال له:
سهيل، ل تبكِ. أنت رجل. أنت فارس. والرجال والفرسان يسيطرون على أنفسهم. يجب أن تكون
قويا، وأن تتحكم بمشاعرك.
ثم شد بقوة على كتفيه، وأضاف: ل تخش شيئا، ول تخف، إذا رحل أبوك، فأنا هنا موجود من
أجلك وسأظل موجودا من أجلك، أحميك وأحرسك من أي ضرر.
وذلك اليوم، دُفن دريد ثم بحضور الزبير والمعزين، ثم توجهوا جميعا إلى دار دريد لتأدية
واجب العزاء. وطيلة هذه الحداث حرص الزبير على أن يظل سهيل بجواره أينما ذهب. وكلما
سنحت الفرصة له، وضع يده على رأسه أو على كتفه أو ظهره، حانيا عليه.
جعل المعزون يقدمون واجب العزاء للزبير وسهيل وسائر أفراد قبيلة الُسْد. لقد شعر الزبير
بحزن بالغ ينفجر بداخله، لكنه أخفاه ببراعة.
وفي اليوم الول، قدم قيس العزاء للزبير مع سائر الحاضرين، لكن منذ وصولهم دار دريد،
تحين قيس الفرصة للختلء بالزبير والحديث معه. وبعد مرور وقت قصير حدث ذلك، إذ خرج
الزبير ومعه سهيل خارج الدار؛ حيث أراد الزبير الذي ضاق صدره أن يستنشق بعض الهواء
الطلق في فناء دار دريد.
لحقه قيس، فوجد الزبير واقفا يحدق في الفق دون حراك وهو يمسك بيد سهيل الذي وقف قريبا
منه وطأطأ رأسه ونظر في الرض. لكأن الحزن تجسد في جسدي هذين المرئين.
كانت لحظات صعبة على قيس، الذي شعر بثقل الموقف، لكنه استجمع قواه، وتنهد، ثم قال: أيها
الزبير...

Free download pdf