رواية الزبير يجب أن يقتل

(LAITHTAHER) #1

حالما سمع المير ما سمعه، اجتاحه الحزن والفزع بسرعة كالبرق، فانهار وغدا في وضع مزر


للغاية. أغمض عينيه ووضع كفيه على وجهه وأنزل رأسه باتجاه الرض.


بعدها جعل يبكي البكاء المر الشديد، حتى إنه منظره أثار شفقة الحاجب وجميع الحرس في


القاعة وطفقت الدموع تنزل من عيونهم.


استمر المير بالبكاء المر؛ فهذا أصعب ما حدث بحياته. تمنى في تلك اللحظة الموت، فالحياة


بعد ما حدث أثقل من الجبال الشاهقة.


ظل يبكي كطفل صغير، يتمنى فراق الحياة ليرتاح، ليام كثيرة. لكنه في النهاية قرر أن


يتماسك؛ صونا لمصلحة البقاء ولمصلحة زوجته وأبنائه.


بعدها أتى قائد جيش البقاء ))الهيثم(( إلى المير قصي. فحالما علم الهيثم بنبإ مجزرة العائلة


المالكة وفناء سدس الجيش، توجه فورا باتجاه المعتزة على رأس عدد قليل من الجنود؛ ليتمكن


بسرعة من الوصول إلى المير قصي.


فلما وصل دخل على المير الموجوع، وسلم عليه فرد المير السلم.


كان الهيثم ذا بنية قوية جدا عريض المنكبين مفتول العضلت، ذا قسمات وجه حادة، وذا شعر


أسود كثيف غطى رأسه ووجهه. وكان كأنه شمس تنبعث منها أشعة الثقة والطمأنينة لمن يحبهم


ويحرص عليهم.


قال الهيثم: مولي، أنت وحدك من تبقى حيا من حفدة جدك الملك رائف وأبنائه، ويجب أن


نبايعك فورا ملكا على البلد.


تنهد الملك المتوجع وجعل ينظر بحزن إلى الرض، وهو جالس على الكرسي الكبير آخر


القاعة.


اقترب الهيثم بسرعة من قصي، ووضع يديه على كتفي المير، وقال: مولي، ما حدث


صعب... عظيم... ل يصدق... ول يحتمل... منذ علمت بما حدث وأنا أبكي خفية عن الجنود... لكن


علينا أن نتماسك وأنت عليك أن تتماسك... حتى تنقذ البقاء... وتنتقم لملكها وآله.


أومأ المير الحزين موافقا برأسه.


فقال الهيثم: بعد مبايعتك ملكا، عليك أن ترحل على الفور من المعتزة.


نظر المير مستغربا إلى الهيثم وكأنه يسأله بنظراته، "لماذا؟!"


فقال الهيثم: جيش ياقوتة يزحف من الشرق، وجيش الهيجاء يزحف من الغرب، ويجب أن


تذهب إلى مكان في المنتصف تماما بين المملكتين الغادرتين؛ فذلك هو آمن مكان. ومدينة الفريدة


هي آمن مكان لك. عليك أن تظل هناك إلى...


تنهد ثم أكمل: إلى أن تستقر المور.

Free download pdf