رواية الزبير يجب أن يقتل

(LAITHTAHER) #1

استقبل الملك قصي الرسول في أكبر قاعات قصره في مدينة الفريدة، إذ كان يجلس على كرسي


جليل في آخر القاعة.


حيا الرسول الملك، فرد عليه التحية، ثم أخبره أنه يحمل رسالة من القائد الهيثم.


فك الملك الرسالة، وجعل يقرؤها:


" مولي الملك قصي، حفظك ال،


السلم عليك وعلى أهلك جميعا.


أرجو أن تكون قد تجاوزت ما حدث لهلك الراحلين – رحمهم ال -. أعلم أن تجاوز هذا صعب


للغاية، وقد يحتاج لسنوات طويلة، وربما ل يحدث أبدا؛ فأنا – نفسي – لم أستطع أن أتجاوز اللم.


لكن – يا مولي – الحياة علمتني أن علينا أن نستمر، أن تنتفس ونمشي ونأكل ونحارب ونحمي


أحباءنا وأنفسنا رغم ما يحتل قلبنا من ألم عظيم، لذا – يا مولي – أرجو أن تتماسك؛ لننا – أهلَ


البقاء – بحاجة إليك، بحاجة أن تظل، فأنت الن تمثل البقاء.


مولي، أرسل إليك هذه الرسالة، لعلمك أن وضعنا صعب للغاية، فمع انقضاض الغدارَينِ


علينا من الجهتين، باتت المسألة معقدة للغاية. ل يوجد إنسان في العالم يستطيع الجزم بما سيحدث


في المستقبل، لكن بإمكان المرء أن يتوقع ما قد يحدث. من خلل خبرتي طيلة هذه السنوات جنديا


في الجيش ثم قائدا له، أرى أن فرصنا في المعركة القادمة ضئيلة جدا. لكنني مصر على القتال


حتى أوقع أكبر خسارة بجيش ياقوتة، ثم لتكمل أنت المسيرة يوما ما، إذا تمكنت من ذلك، وقلبي


يخبرني أنك ستتمكن من ذلك.


ولكي تكمل المسيرة عليك أن تظل بآمان، عليك أن تعيش. مكانك الحالي خَطِرٌ جدا عليك وعلى


حياتك، فإذا هزمنا في المعركة القادمة، فلن يتوانى جيشا عدوينا في الزحف إلى الفريدة، ومحاولة


قتلك، وبالتالي قتل من تبقى من آل الضياغم، وقتل البقاء. لذا – يا مولي – أنصحك بكل ذرة من


ذرات قلبي، أن تهاجر غربا إلى جبال اليُبْسِ، فهي منطقة وعرة جدا ل يعرفها إل أهل البقاء، وهي


آمن مكان لك، وحتى لو عرف عدوانا أنك هناك، فلن يسهل عليهما إيجادك واغتيالك.


أتمنى – يا مولي – أن تطبق النصيحة التي غالبا هي الخيرة لي.


خادمك المطيع،


الهيثم."


تنهد الملك بعمق، وزادت أوجاعه، لليأس والحزن اللذينِ رآهما ينبعثان من رسالة القائد.


***

Free download pdf