laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
ابتسم سليم ابتسامة عريضة، لكن على العكس منه عبست أمه عبوسا منفرا، وركضت بسرعة
وأمسكت سكينا حادة، ووقفت أمام ابنها، ومدت يديها يمينا وشمال ويمينها تمسك بالسكين، ثم قالت
بصوت حاد مخيف عال، وهي ترتجف: اسمعني جيدا، ل يوجد أحد هنا اسمه سليم. ارحل قبل أن
أطعنك الن، وأنهي حياتك.
لقد رفضت الفكرة رفضا قاطعا؛ لن سليما وحيدها من الذكور، وقد خشيت أن يتكرر معه ما
حدث مع أبيه وأخويه.
لم يتأثر الزبير على الطلق بتهديدات سوسن؛ فقد امتاز بالشدة وقوة القلب، وقال بصوت بارد
واثق: سيدتي، ل داعي لكل هذا. أنا بمثابة والد لسليم أو على القل أخ كبير. أعدك بأن سليما
سيصير قائدا كبيرا في جيش الثورة، ثم رجل مهما ذا منصب عال في مملكة البقاء بعد تحريرها.
اجتاحت السعادة قلب سليم، بينما سمع هذه الكلمات.
أكمل الزبير: سيأتي إلى المعارك، لكن وعزة ال وجللته، وعزة ابن أخي سهيل - أغلى شيء
على قلبي - لن يشارك سليم في القتال. فقط سيقف مع القادة؛ لن وجوده سيحفز المقاتلين،
وسأسخر له من أتباعي الخاصين من مقاتلي صحراء الكثبة، فرقة تحرسه بل وتمنعه من المشاركة
بالقتال.
تحمس سليم حماسة عظيمة، وفرح أكبر فرحة في عمره، ثم قال لمه: أماه، سأذهب. ل يمكن
أن أرفض مثل هذا، أبي الهيثم لم يكن ليرضى لي أن أرفض هذا.
عندها تيقن الزبير بأن من أمامه هو ابن القائد الهيثم بلحمه وشحمه.
رمت سوسن السكين من يدها، ثم جعلت تبكي بحرقة، وأنشأ صوتها يتهدج من شدة ألمها،
وجعلت تصرخ وهي على هذا الحال: لقد خسرت أحبابي ذات يوم، ول أريد أن أخسرهم من جديد.
لن تذهب – يا سليم – لن تذهب.
احتضن الشاب أمه، وضمها إلى صدره بقوة، بينما أرخت يديها جانبا: ل تخافي، يا أمي، أنا
متأكد أن هذا الرجل والملك قصيا، لن يخذلني وسيبذلن كل شيء لحمايتي.
أحاطت الم ابنها بذراعيها، ثم قالت بصوتها المتهدج: لن تذهب، يا سليم. لن تذهب.
وما فتئت تبكي بحرقة، حتى ملت دموعها ثوب ابنها الذي قال: ل تخافي، حتى لو خسرنا
الحرب، فلن يطالني أحد، بوجود الفرقة المخصصة لحمايتي كما أخبرنا الزبير.
احتضنت الم والبن أحدهما الخر، وما فتئ سليم يقنع أمه حتى اقتنعت في النهاية، وبهذا
ابتهج قلب الزبير؛ لن أخيرا حصل على الشخاص الضرورين لخطته جميعهم.
***