laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
ثم نظر إلى زوجته وأم الزبير وإلى دريد، وقال: ل تقتربوا من الغرفة، ول تحاولوا التنصت
علينا.
مشى الشيخ باتجاه غرفته بينما يتبعه الزبير.
دخل الشيخ فالزبير إلى الغرفة.
أغلق الشيخ باب الغرفة بالمفتاح. ثم مشى ووقف مقابل الزبير.
لقد علم الزبير أن أمرا غير جيد سيحدث، من خلل ملمح جده، وبسبب غضب الخير
وسكوته منذ عودتهم من المعركة.
نظر الشيخ إلى حفيده بغضب عارم وقد اتسعت عيناه، بينما بادله الزبير نظرات جادة حادة.
طفق الثنان ينظر أحدهما إلى الخر نظرات حادة شرسة. كان الموقف حادا جدا حتى إن
كليهما لم يرمش ول مرة!
طال المر. وفجأة رفع الشيخ يده اليمنى عاليا ثم لطم الزبير على وجهه لطمة مدوية.
احمر خد الزبير، وشرع الدم يسيل من منخره. ورغم كل هذا، لم يفقد الزبير تماسكه، بل زادت
نظراته حدة، واتسعت عيناه القاسيتان اللتان حدق بهما في جده.
الوالد والجد بالنسبة للزبير كانا شيئين عظيمين، بل إنهما حتى يصلن حد التقديس. ومهما فعل
به جده - حتى لو قطّع أطرافه الربعة – فإنه ل يمكن أن يرد عليه بأي شيء مهما صغر. أحب
الزبيرجده وعده قدوته العظمى التي يطمح للوصول إليها أو حتى إلى جزء منها.
ثم أمسك الجد الذي يتفجر غضبا حفيده من قبة ثوبه، وجعل يدفعه تارة ويسحبه تارة، وهو
يصرخ: مرة ثانية، عندما آمرك بأمر فعليك أن تطيعه صاغرا. ل سيما إن كان أمام أناس آخرين.
ثم صرخ بصوت أعلى: هل تفهم؟
جدة الزبير وأمه وأخوه دريد، كانوا قد خالفوا أمر الشيخ، ووقفوا عند باب الغرفة، وقد سمعوا
ما حدث بين الشيخ والزبير، وأحزنهم ذلك.
عاد الشيخ للوقوف مقابل الزبير، وتبادل النظرات من جديد، وفجأة هجم الجد على حفيده
واحتضنه بيديه الثنتين، بينما ظل الزبير مرخيا يديه.
قرب الجد فمه من أذن الزبير، وهمس فيها: أنت خليفتي، أيها الزبير، أنت تشبهني تماما، كأنك
نسخة طبق الصل عني، أنا أحبك كثيرا أكثر من أي أحد آخر، لقد جعلتني فخورا. ليت أخاك
مثلك، ليته يمتلك قوتك وقسوتك. لكنه هو من سيخلفني في قيادة القبيلة... ل أستطيع تغيير ذلك...
هو حفيدي الكبر... ول أستطيع أن أكسر قلبه بأن أعلنك خليفة لي... حتى أبوك رؤبة لم يكن
مثلك!
اختار الجد أن يهمس هذه الكلمات همسا لنه تأكد أنه ل بد وأن دريدا كان يتنصت عليهما في
تلك اللحظات ولم يرد له أن يسمع هذه الكلمات التي ستجرحه.
لم ينس الزبير هذا الحوار أبدا.
***
وبعد أيام، أتى شاب من قبيلة السد لزيارة الزبير. فحياه الزبير وطلب منه الجلوس، وضيفه
فنجانا من القهوة.
بدا على الشاب الرتباك والريبة وهو يزور الزبير، وطيلة عمرهما لم يتحادثا إل مرات قليلة.