laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
الذهبي الذي أهدته إياه سمية، وطعن الملك ثلث طعنات في قلبه الذي أحب الزبير ابناً له وكريان
تماما، وأتبعها بطعنتين في بطنه. اجتاحت الملك صدمة وتفاجؤ هما الكبر بحياته. وبينما الزبير
يطعنه، اتسعت عيناه أقصى اتساع وبرزتا بروزا عظيما حتى بدا كأنهما ستغادران رأسه! وتسارع
العرق شللت على وجهه وسائر جسده. آلمه قلبه في تلك اللحظات أكبر ألم في حياته، حزنا من
ابنه الزبير ومن خيانته له، حتى أكثر من اللم الذي شعر به عند مقتل كل أهله على يد ملك ياقوتة
ذات يوم، اليوم الذي سُلِبَ فيه ملكُ البقاء، بل والبقاء كلها. وبينما الملك ما زال حيا، وهو يلفظ
أنفاسه الخيرة، والدم الغزير يجري سريعا من قلبه وبطنه ومن فمه ومنخريه، ابتسم الزبير
ابتسامة صفراء قذرة ملؤها الشماتة والخبث، لعلها أقذر ابتسامة في تاريخ البشرية، وقال وهي
تعلو وجهه: خسئت أن تكون الملك وأنا موجود.
قالها ويعلو وجهه تعابير شيطانية قاسية وعبوس عظيم، وهذا حال وجهه منذ بدأ عملية
الغتيال. اتسمت طعناته الخمسة للملك، بالقوة الشديدة، والعنف البالغ، والسرعة الهائلة.
لفظ الملك أنفاسه الخيرة، وترجل الفارس السطوري أخيرا وغادر الحياة، وهكذا قتل الزبير
الملك، قتل أباه، وقتل معه المحبة والوفاء والعشرة، قتل التاريخ واللحظات الجميلة والذكريات
الخالدة، قتل النجازات المشتركة، قتل السطورة التي قدسها طيلة عمره، أسطورةَ الملك الهارب
التي كذبها نسبة هائلة من أهل البقاء، في حين آمن بها الزبير إيمانا مطلقا، قتل الرجل الذي حقق
معه المستحيل وحرر معه مملكة ظنها الجميع ذهبت بل عودة، قتل الزبير البنوة التي بداخله،
والهم من هذا كله قتل الزبير المروءة التي بداخله.
بعد عملية الغتيال التي تمت بسرعة البرق، لم ينتظر الزبير كثيرا، ففورا سحب الزبير جثة
الملك وأخفاها خلف السرير، ثم أحضر لحاف السرير ومسح به الدم الذي انتشر على أرضية
الغرفة، ثم مسح قدر استطاعته الدم الذي أتى على يديه ولباسه، وفورا خرج مسرعا ووقف هنالك
على باب غرفة الملك حارسان، أحدهما على يمين الباب والخر على يساره. الزبير، رغم أنه
حتى في تلك اللحظات العصيبة جدا اتسم بالهدوء والثقة اللذين عرف بهما دوما، إل إنه مثل أمام
الحارسين أنه مرتبك متلبك هلع، وقال وهو هكذا: الملك أصابه مكروه! إنه ل يتنفس!
اندفع الحارسان بسرعة إلى الداخل، واندفع الزبير بسرعة خلفهما، فأصبح أحدهما في المقدمة،
يليه الخر، فالزبير.
قال الحارس الذي في المقدمة بعد أنْ لم ير الملك: أين الملك؟!
في هذه الثناء كان الزبير قد استل خنجره الذهبي، فوضع كفه من الخلف حول فم الحارس
القرب عليه، وجز عنقه.
وبينما الحارس المغدور يسقط أرضا، صرخ الحارس الثاني غير مصدق: أيها الوغد الخائن!