laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
وأنت تقتل الملك وباقي من قتلتهم؟! كيف لنا أن ننام دون أن نفكر ونتساءل ماذا فكروا جميعا في
لحظات قتلك لهم؟!
وعلى العكس من الغضب الذي اعتراه عندما تحدث أمين والمغيرة، اعترى الزبير حزن بالغ؛
من كلم سمية، وجعل ينظر في الرض حزنا.
وجلس حزينا، وظل المر هكذا، حتى نظر إلى سليم، وقال: وأنت، يا سليم، أنت – يا بني – هل
ستصطف معي، مع أبيك، أم مع الخرين؟
التزم سليم – المعروف بخجله – الصمت.
فصرخ الزبير بعنف: ما موقفك مما حدث؟
ارتعب قلب سليم، وقال بصوته الخافت الخجول: أنا حزين جدا.
ومر وقت من الصمت، قاطعه الزبير حين قال بهدوء وثقة: اسمعوني جيدا... ما حدث قد حدث،
ولن يتغير... وأنا مصر على ما فعلته وما سأفعله، وإياكم أن تتحدوني أو تقفوا في طريقي... أنتم
وسواكم، كل من سيقف في طريقي، سأدمره وأنهيه نهائيا... ل تحسبوني لم أتأثر بقتلي للملك الذي
أعتبره والدي... لذا ل تجعلوني أتألم بإيذائي لي منكم؛ فأنتم أعزاء علي... ارحلوا الن جميعا،
أريد البقاء وحدي.
فشرعوا جميعا يرحلون، أما حورية فالتزمت الصمت طيلة النقاش، ولم يبدُ عليها على الطلق
وما فعله ومدىهالمبالة بكل ما حدث وفعله الزبير. بل في حقيقة المر، أسرت لنفسها بإعجابها ب
اتساع طموحه.
***
كان الزبير رجل فريدا ويفكر بطريقة مختلفة عن الخرين، لذلك وفورا بعد استلمه الحكم،
أسس فرقة من العيون مهمتها الندساس في ربوع البقاء وحتى الممالك المجاورة، واستطلع
الخبار والتجسس، وكل ذلك اتسم بالسرية. وعين أنسب رجل ممكن لهذه المسألة داهية الكثبة قائدا
لهذه الفرقة وكلفه بإدارتها.
ولفطنة الزبير وبُعْدِ نظره – حتى لسنوات بل عقود قادمة – أيقن أنه ل بد وأن تحدث ثورة
وربما ثورات بعد انقلبه على الملك قصي؛ لن الشعب عشق الملك الهارب وآل الضياغم لذا
سيسعون للنتقام لهم، ولن طبيعة شعب البقاء امتازت برفضهم للظلم وكرهه فسيسعون لزالته.
وقد صدق حدس الزبير، فبعد ما يقرب الربعة شهور من انقلبه، أعلمه داهية الكثبة أنه علم
من خلل عيونه - المنتشرين في كل مكان كأنهم دقائق الهواء! – أن قبيلة تعرف بالقَسَطَة تخطط
لثورة ضد الزبير. وقد قطنت قبيلة القسطة في الشمال الغربي من البقاء، وقد حاولت سرا أن تقنع
عددا كبيرا من القبائل في الثورة على الزبير بعد النقلب، وقد نجحت في ذلك.