الفصل العاشر
البن
(( 37 ))
ترى هل نقص الملك ذو الندب عداوة جديدة بعد كل تلك العداوات التي كسبها؟! ومِنْ مَنْ، مِنْ
أقرب الناس إلى قلبه، ثالث امرئ أحبه بعد سمية وابن أخيه سهيل، أل وهو ابنه سليم.
فبينما الزبير يهيم في وديان الحزن ويئن وحيدا في حجرته على ضياع سمية إلى البد، أتاه
داهية الكثبة محمل بعبء ثقيل وكلم جارح.
دخل الداهية على الزبير، وحياه، فقال الخير: ماذا تريد؟ إن لم يكن في جعبتك أمر هام، فدعني
وحدي.
فرد الداهية بحزن شديد، خالف ابتسامته الصفراء البدوية المعهودة: بل هو هام.
"ماذا هنالك؟" قال الزبير بجفاف غير معهود مع أتباعه المقربين.
فرد الداهية: سليم، بلغني أن أناسا ذهبوا إليه، وسألوه عن رأيه فيما فعلتَه بالملك الهارب
وبأمين...
تنهد الداهية من وطأة الشجن الذي احتل قلبه، وأكمل: وقد...
تردد قليل، ثم استجمع قواه وأكمل: وقد أخبرهم أنك رجل ظالم، ولكنه ل يستطيع فعل شيء
تجاهك!
غضب الزبير كثيرا، وأحكم إغلق قبضته اليمنى، وقال: مستحيل ما تقوله. سليم ابني! مستحيل
أن يفعل ذلك!
في تلك اللحظات تذكر الزبير كل ما بينه وبين سليم، تذكر لقاءه به أول مرة، تذكر كيف ساعده
على أن ينتقل من قمة الفقر والضياع إلى قمة الغنى والسعادة، تذكر كل اللحظات الجميلة التي
جمعت الب والبن، وما أكثرها!
فأكد الداهية: المسألة أكيدة تأكيدا كامل، ويستحيل أن يوجد في أنبائي أي خطإ.