laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
فاستاء الشيخ، ثم قال: من يؤيد القتال فليرفع يده.
فرفعت قلة قليلة أياديها، ومنهم حفيده الزبير.
ثم قال الشيخ: لقد شاورتكم، فأمهلوني أفكر حتى يوم غد ثم أعلمكم ماذا قررت.
منذ انتهاء الجتماع، طفق الشيخ عامر يتفكر في المسألة، ودرس الخيارين المطروحين أمامه
بعناية، وظل يقلبهما في عقله حتى اجتمع من جديد بالناس نفسهم في اليوم التالي.
قال الشيخ عامر: أهل بكم، يا قوم.
ثم أضاف: لقد تفكرت جيدا بالمر... لقد قررت أن نقاتل ملك الهيجاء.
ظهرت علمات المتعاض وعدم الرضا على وجوه الغلبية التي ل تريد القتال، وعلى النقيض
ظهرت علمات الرضا والعجاب على وجوه من يريدون الحرب.
لقد توقع الشيخ مسبقا أن ل يرضي كلمه الغلبية، فقال: يا قوم، إياكم أن تظنوا أنني تجاهلت
مشورتكم، بل إنني تفكرت عميقا بها، وهذا لعمري أصعب تفكير خضته في حياتي، وإني أخال
أنني من أكثر الناس الذي احتاروا يوما ما في تقرير أمر ما. لكن كما تعلمون فإن القائد يختار
القرار الصحيح حتى وإن خالفته الغلبية.
ثم بدأ يشرح دوافعه: نحن شجعان كرماء نأبى الهزيمة والذل، ول يمكن لنا أن نرضى أن نعيش
والناس تصمنا بعار الفرار من القتال. الموت أرحم علينا. ونحن- أهلَ صحراء هي القسى بين
الصحارى – أكثر قوة وخبرة وحنكة من جنود الهيجاء الضعفاء المدللين الذين اعتادوا حياة المدن
والقرى.
والواحد منا عن عشرة منهم.
العبارة الخيرة هي عبارة الزبير التي قالها قبل يوم، وقد أسعده تكرار جده لها أمام أهم أهل
الكثبة جميعا.
في الواقع، هنالك سبب آخر لم يذكر الشيخ عامر لختياره للحرب، وهو أنه أراد أن ينتقم
لصديقه الملك هزبر الذي أحبه بجنون، وأن يحافظ على عزة وطنه مملكة البقاء التي كان متيما
بعشقها.
لم تقتنع الغلبية التي تؤيد عدم القتال بما قاله الشيخ، لكن في النهاية هو شيخ كل الكثبة وعليهم
اتباعه مهما قال؛ فهو زعيمهم وهو الذي لطالما حماهم وأنفق عليهم.
بعد انتهاء الجتماع نادى الشيخ حفيده الزبير، وأمسك به من كتفيه وقال: لقد جعلتني فخورا من
جديد، كما فعلت دائما. لقد أعجبتني مشورتك، وأعجبني إقدامك وجرأتك على الحديث رغم صغر
سنك مقارنة بكثير ممن حضروا. أيها الزبير، أنت أكثر إنسان يهمني رأيه في العالم كله. وما
أصررت على القتال إل وأنا أعلم أنك تشير به.