رواية الزبير يجب أن يقتل

(LAITHTAHER) #1

الجنود بالفرار. وهكذا سيطر الثوار على جل المدن والمناطق. ومن بين المدن المنتفضة، كانت


الفيحاء، فقد قاد المغيرة ثورة عارمة حرر بها المدينة من سلطة الزبير، وقد أبدع المغيرة في


القتال، رغم سمنته المفرطة وكرشه البارزة؛ وذلك لن لمسة الفارس المقاتل الماهر لم تختف


داخله. ففي الستة أشهر التي سبقت هذا اليوم الموعود، قامت دعوة سرية للثورة في المدن


والمناطق الكثر نفورا من الزبير وكرها له، والكثر ولء لل الضياغم. وقد صبرت سمية طيلة


هذه الشهر الكثيرة، لن غاية سامية – وفق نظرها – صعبة جدا وقد تكون مستحيلة في نظر


الكثيرين، وتحتاج للصبر طيلة هذه المدة، وماذا ستخسر إن صبرت ستة أشهر بعد أن صبرت أحد


عشر عاما؟!


بعد كل هذا خسر الزبير ما يقرب من ثلث مقاتليه، لكن وُجِدَت هنالك مفاجأة أخيرة، فقد بدأت


النقلبات والنشقاقات في جيش الزبير، وبدأ قتل العمداء وسائر الرتب الكبيرة وحتى الصغيرة


الموالية للزبير في الجيش. فكما وُجدت هنالك دعوة سرية للثورة في المدن، وُجد هنالك دعوة


سرية للنقلبات والنشقاقات في الجيش، وهذه الدعوات كلها أنجزها رجال المير ريان، بناء


على توصيات سمية.


بالمحصلة خسر الزبير نصف جيشه في يوم واحد! وكل هذا بسبب خطة "الزبير الجديد"؛


سمية التي استخدمت خطة تشبه كثيرا خطة الزبير قبل أعوام كثيرة حين حرر البقاء. أي شخص


في البقاء، لو أخبره أحدهم في ذلك اليوم، أن كل هذا من تخطيط امرأة، فبالتأكيد سيتهمه بالجنون،


ولو أخبره بهوية تلك المرأة، وأنها ليست امرأة قوية شرسة – كحورية مثل في شبابها – بل هي


امرأة مسالمة جدا ل تفقه شيئا في المكائد والحروب، لزاد اتهامه له بالجنون أضعافا. حتى سمية


نفسها، لو أخبرها أحدهم قبل أحد عشر عاما أنها ستفعل كل هذا، لوصفته بالجنون. ولكن، الحياة


لطالما علمتنا أن بداخل كل منا قوة هائلة وعزيمة حديدية وقدرات ل يعلم عنها، وأن القدر عندما


يقسو، والظروف عندما تضع المرء على المحك وتدفعه إلى حافة الهاوية، فإنها تخرج كل هذا من


جوف المرء. وهذا ما حدث، فقد حول القدر سمية، من امرأة مسالمة هادئة بسيطة، إلى وحش


كاسر، وإلى داهية تشع ذكاء. وقد أغرقت بدهائها، الزبير البحار الماهر والمخضرم في بحر


الذكاء والدهاء والقوة في يوم واحد!


***


بعد أن انتهى كل شيء، كان الملك ذو الندب نائما في غرفته في قصر الكثبة، وكان الوقت في


بداية مغرب شمس ذلك اليوم. أتى حاجب القصر فطرق على باب غرفة الزبير فتجاهله الخير،


انتظر مدة ثم عاود الطرق، فقال الزبير متذمرا بصوت عال: من هناك؟ ماذا تريد الن؟!


فقال الحاجب: أنا حاجب القصر، يا مولي... أريد أن أنبئك بأمر هام.


فوبخه الزبير بصوت عال ونبرة جافة: انصرف الن، أريد أن أنام.


غاب حاجب القصر لمدة ثم عاد إلى الزبير ليوقظه، فطرق الباب.

Free download pdf