لم أقاوم غضبها ولم أقاطع حدة نبراتها. لم أمل من النظر إلى
وجهها...تعابيره كانت صادقة...استعطاف نظراتها...تجاعيد
.ارتجاف الكلام فوق شفتيها. كل خلجة فيها كانت صادقة. كل ذرة جبينها..
في كيانها كانت تستحلفني...تستحثني التدخل قبل فوات الأوان. اختتمت
"محاضرتها" عاد إليها بعض هدوئها. توردت وجنتاها من الخجل. توجهت
نحو غرفتها تجللها مسحة من الحياء الأنثوي. أما انا فقد آثرت فنجانا من
القهوة واسترخاء تأمليا في مكتبي. في كلامها تتجلى الحقيقة التي اعتقدت
بها دوما ولا بد من تصرف.
الفصل العشرون
كانت صادقة في ثورتها فلقد غبت عن بيتي كثيرا. سرقتني من أبنائي
"التميز" الاجتماعي و"انتفاخ" الرصيد البنكي. وشيئا أضواء النجاح ونشوة
ن نمط "جميل بثينة" عن أشعار الحب والغزل التي كنت فشيئا كنت أبتعد ع
أباري بحفظها أيام الشباب. لم أعد أقرأ لأبي الطيب المتنبي وقد كان
مرشحا ليكون بطل رسالة الدكتوراه أو لأبي تمام وابن الرومي وأبي العلاء
المعري. لقد نأيت بنفسي عن بعض مهم من نفسي، حتى أن زوجتي الاولى
بدايات نجاحي كثيرا ما سألتني عن طموحي واحلامي التي التي شهدت
بنيتها على أساس الحصول على درجة الدكتوراه، التي لم أعد في حاجة
ليها اليوم للحصول على ترقية أو زيادة في المرتب أو حتى الارتقاء درجة إ
في سلم المكانة الاجتماعية.
المكتب وقد تنكر لي أحسست بالخجل يغمرني وأنا اتقلب على كرسيي وراء
النوم ولو للحظة في ذلك الصباح. كيف أغفو وسياط الندم تجلدني؟ لم
أقترف ذنبا ماديا محسوسا أعاقب عليه حتى الآن ولكنني "انحرفت" عن
مساري الذي انتهجته مذ تفتحت مداركي، ويكفي أن أقتل في نفسي الشوق