إيجابا، قياسا أيضا إلى الأداء والطموح. المشكلة كانت في تكويني النفسي
الذي انتميت إليه وانتمى هو إلي. رياح التغيير كانت أمام مهمة مستحيلة.
أن تدك حصون مبادئي وتقتحم نوافذ طموحات عمر مضى ضربت
بجذورها في أديم صاحبها...وكان الصراع.
لا بد من منتصر. هكذا كنت أدرك عندما بدأت خوض في "المعركة"
غمارها مع نفسي فلا مجال لشعار "لا غالب ولا مغلوب" لأنها تخصني
وحدي فإما ان ينتصر انتمائي إلى احلام الماضي أو انتمائي إلى آمال
المستقبل...أيهما اجدى.
أمضيت فترة ليست بالقصيرة في نزاع مع النفس، واظبت خلالها على
ناول طعام الفطور والغداء والعشاء مع عائلتي في البيتين. استقطعت جزءا ت
من وقتي المخصص لمشاريع أعمالي الخاصة أقضيه مع أبنائي، أشرف
على دروسهم، صداقاتهم، تصرفاتهم، كل ما يمت إليهم بصلة. وأدركت في
لا هذا المقام عدم جدوى التمثل بشعار "الأخذ من أسباب العلم بطرف..." ف
بد من التفرغ، فالمهمة صعبة والمسؤوليات جسام.
وكان أيضا يوما مشهودا ذلك الذي قدمت فيه استقالتي من العمل. ضمنتها
كثيرا من الوجدانيات، لكنها في عنوانها الرئيس كانت انسلاخا من أحلام
الماضي...فالعمر محطات ومراحل...وانتصرت آمال المستقبل.
كل ما قدرت على حمله من "شواهد" تذكرني لملمت أوراقي الخاصة و
بالماضي، حملتها معي إلى بيتي، زينت بها أركان مكتبي. لم يكن بالإمكان
التخلي عن كل الماضي، ولا بأس أن يحيا ما تبقى منه في أحضان
المستقبل.