laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
شكلت تلك أسعد لحظات حياة الزبيرحتى ذلك الوقت. لم يتصور كل هذا التكريم، وأن يخلد
اسمه في كتب التاريخ بهذه الطريقة، وأن الملك سيكافئه بأن يجعله الرجل الثالث في المملكة.
بعدها هدأ الناس، ثم بايعوا الملك وولي العهد والزبير وزيرا أولَ.
ثم تناولوا ما لذ من الطعام والشراب، وتبادلوا الكلمات والضحكات، وتحولت القاعة مركزا
للفرحة والسعادة، بينما أثنى الجميع على المغيرة وأمين وسليم والقوياء الثلثة والقائد جاسم،
والهم على الزبير الذي سمع في ذلك اليوم من الثناء ما لم يسمعه رجل من قبل في تاريخ البقاء
كلها.
***
استمر الحفل حتى المساء، حين غادر الحضور جميعا القاعة. وبينما الزبير في غرفته في
القصر، أتاه أحد الجنود يخبره أن الملك قصيا يود لقاءه في غرفة النوم الخاصة به.
فرح الزبير فرحة عارمة؛ فبالفعل أضحى بالنسبة للملك كابنه تماما وها هو يدعوه كأنه أحد
أفراد عائلته إلى غرفة النوم الخاصة به.
توجه الزبير إلى هناك واستأذن الحارسين الواقفين على باب الغرفة، ودخل إليها.
كانت كسائر غرف القصر ينتشر في كل أرجائها الرخام البنفسجي المزين بألوان متنوعة، وقد
كانت واسعة، فيها سرير كبير جدا، وفي الغرفة وجدت طاولة عريضة أحاطت بها كراسي كثيرة،
وكلها مصنوعة من الخشب الثمين. وقد تدلى من سقف الغرفة ثرية ذهبية ضخمة أضاءت شموعها
الغرفة، وفي الغرفة كذلك رأى الزبير ثريات أخرى مشابهة لكن أصغر حجما. وانتشر هنا وهناك
المرايا المزخرفة حوافها بأجمل الزخارف. وقد انتشر الذهب والفضة واللماس في كل أرجاء
الغرفة وعل الثاث والمرايا وحوافهم. لم يشهد الزبير مكانا مثل هذا قط، وهاله ما رآه!
جلس الملك على كرسي عريض، وبجواره على الكرسي نفسه ابنته الميرة هدى وهو يمسك
بيدها بينما تدفع بجسدها نحو جسد والدها. وعلى كرسي آخر جلست الملكة رقية، وعلى آخر جلس
المير ريان. وقد لبسوا جميعا لباسا أنيقا فاخرا، وفاحت رائحة عطورهم زكية جميلة في أرجاء
الغرفة. ووقف في الغرفة جارية تلبس هي الخرى لباسا أنيقا.
وقد فرحوا جميعا أكبر فرحة، فها هم يعودون لقصى القمة، بعد أن ذاقوا ذل أدنى القاع في
جبال اليبس.
في اليوم السابق، جالست الملكة رقية زوجها الملك، وأخبرته: أتدري، يا قصي؟
"ماذا؟" سأل الملك.
فأجابت: أشعر بشعور غريب تجاه الزبير، لم أشعر به تجاه أحد آخر من غير أولدي... أشعر
أنه ابني تماما كريان وهدى، ول تختلف مكانته في قلبي قيد أنملة عن مكانتهم...