laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
لكنه تفادى الضربة، وجعل المر يتكرر، وهنا تسارعت دقات قلب الشيخ عامر إلى أقصى حد،
واجتاح الخوف أفراد السد؛ لن فقدان حفيد الشيخ في أول معركة له أمر فظيع للغاية.
وظل المر على حاله، صهيب يضرب بسيفه والزبير يتفادى، وفجأة ضرب الزبير بسيفه فصد
صهيب الضربة، وشرع كل منهما يصد ضربات الخر، وفجأة ضرب صهيب يقصد رأس
الزبير، فتفادى الضربة ثم غرس سيفه - الذي يمسكه بيديه الثنتين - في بطن صهيب الذي سقط
قتيل.
اجتاحت الفرحة قلوب السد جميعا وبينهم دريد أخو الزبير، وجعلوا يحيون الزبير بعبارات
المديح والثناء.
رفع الزبير سيفه إلى العلى متفاخرا بانتصاره، ثم ركب جواده وعاد باتجاه جنود السد.
الوحيد الذي لم يشعر بفرحة بين السد كان الشيخ عامراً، فقلبه منذ بداية المبارزة كان بين يدي
صهيب الذي أمكنه كسره إلى البد في أية لحظة بقتل الزبير. لكن الخوف الذي سكن قلب الشيخ
تلشى وتنفس الصعداء.
عاد الزبير إلى صفوف قبيلته. ثم عدا كل من الجمعين مسرعا باتجاه الجمع الخر، واشتبكا
وبدؤوا يقتل بعضُهم بعضا.
فاق عدد جنود السد عدد بني حميد بكثير، فصفوف السد ضمت عددا كبيرا من فرسان القبائل
التي خضعت للسد، كما أن وجود الشيخ عامر القوي أمال الكفة لصالح السد كالعادة. لكن العامل
الجديد في المعركة كان براعة الزبير الفائقة في القتال، إذ أخذ يقتل من بني حميد الواحد تلو
الخر. لقد أراد إثبات نفسه ونجح في ذلك.
وقد أراد أن يُري الجميع أنه ليس امرَأً هينا وأنه سيكون له مستقبل عظيم بين الفرسان. لذا اتجه
نحو قائد بني حميد الشيخ حيدر لقتاله، وكان الشيخ قويا وقد قتل عددا ل بأس به من فرسان السد.
ترجل الزبير، وهجم بسيفه ليضرب الشيخ حيدرا فصد الشيخ الضربة، وجعل الثنان يصد
أحدهما ضربات الخر، حتى ضرب الزبير ببسالة صدر الشيخ فشقه.
شاهد الشيخ عامر بسالة حفيده وشعر بفخر عظيم، وعلم أن حفيده رجل عظيم وليس مجرد فتى
صغير.
واستمر القتال بين الطرفين حتى انتهت المعركة بالنصر المبين للسد.
***
عاد السد وحلفاؤهم كلّ إلى دياره. ومنذ عودتهم بات الزبير حديث جميع السد وحلفائهم.
وجعل الجميع يثني عليه ويمدح شجاعته وجرأته وقوته، وتحدث الكل عن الفتى الذي يمتلك إقدام
فرسان يكبرونه بثلثين عاما.
ومنذ عودة الشيخ عامر وحفيديه إلى ديارهما، ظل الشيخ عابس الوجه قليل الحديث، وبالذات
مع الزبير؛ إذ لم يحادثه قط.
بعد يومين، أتى يوم لم ينسه الزبير قط طيلة حياته.
استيقظ الشيخ وزوجه وأرملة ابنه رؤبة، وحفيداه. وبعد مدة قصيرة، قال الشيخ: أيها الزبير،
تعال، أريد أن أحادثك وحدنا.