رواية الزبير يجب أن يقتل

(LAITHTAHER) #1

والمبادئ التي تعلمها الزبير بل وتشبع بها منذ نعومة أظفاره! نعم، لقد عرف الزبير كل ذلك،


واعترف به لنفسه وبكل صراحة، لكن لم يوجد هنالك حل أنسب.


احتار الزبير بين خيارين، الول أن ينقلب على أخيه، والثاني أن يقتله بالسم. وفي النهاية استبعد


الخيار الول؛ لنه إذا ما انقلب على أخيه فسيجلب العار لنفسه ولجده وكل عائلته ولقبيلته، وربما


تنقسم القبائل – بما فيها قبيلة السد نفسها - بينه وبين أخيه. فأي رجل في التاريخ مهما أحبه من


حوله، فل بد من وجود أعداء وكارهين له حتى من أقرب المقربين له، والزبير ليس استثناء.


والهم من هذا كله، أنه لم يرد أن يعلم أخوه - العز على قلبه - أن الزبير خانه وانقلب عليه،


المر الذي من شأنه أن يفطر قلب الزبير.


لهذا كله اختار الزبير خيار السم، وتوجه إلى مدينة البسطاء شرقي الكثبة، وقد عرف فيها


الزبير عددا من التجار الذي يبيعون - سرا وبالخفاء عن السلطة - أشياء ممنوعة من قبلها،


كالسحر المزعوم وكالخمور الممنوعة وكالسموم. واشترى من أحد تجارها سما ومضادا له.


وتحادث الخوان الحديث الخير ثم استأذن دريد من أخيه للمغادرة، فأذن له، وقف دريد


واعتزم المغادرة وبينما هو يفعل ذلك، قال الزبير: انتظر، يا دريد.


فالتف دريد، ونظر ببراءة إلى أخيه، وتساءل: ماذا هنالك؟!


اقترب الزبير منه واحتضنه بقوة هائلة هي أقصى قوة استخدمها في حياته، ثم قال بمرارة:


سامحني، يا دريد، سامحني على كل شيء.


استغرب دريد؛ فالزبير لم يؤذه طيلة عمره، وتساءل: علمَ؟!


فأجاب الزبير: على كل شيء حدث...


ارتبك الزبير وازدرد ريقه، ثم أكمل: وسيحدث.


فقال دريد كلما قطّع قلب الزبير أكثر وأكثر: أيها الزبير، مهما فعلت بي، فأنا أسامحك في هذه


الدنيا وفي الخرة.


ثم التف ورحل، والزبير لم يصدق الكلمات التي سمعها، كانت أسوأ شيء، وعلى النقيض


أفضل شيء يمكن أن يقوله دريد في الن ذاته.


عاد الزبير إلى داره إلى غرفة المعيشة، وأرخى ظهره على الحائط وأسند قدميه إلى الرض


وضم فخذيه إلى جسده، ثم أسند يديه على ركبيته، وأرخى رأسه. أنشأ يحس بألم شديد، وأنه أسوأ


من الضباع، بدأ يشعر بمرارة الذنب بسبب خيانته وغدره وقبح ما فعله! لكن الغاية العظيمة تبرر


الوسيلة القذرة! وفي الحياة، إذا عَظُمَتِ الغاية كثيرا فل بد من التضحيات، وهذه أولها: التضحية


بأخيه! وما أضخمها من تضحية!


ظل الزبير يتجرع عذاب النتظار وهو جالس جِلسته تلك، وأفكاره تأكله من الداخل، وعقله


يعذبه ويحرقه بنار حامية، إذا كان مسرحا لحرب بين لوم الخلق وتبريرات الواقعية. ومر زمن

Free download pdf