رواية الزبير يجب أن يقتل

(LAITHTAHER) #1

طويل جدا لكأنه عشرات السنين، وأتى الليل ثم حل الصباح وطرق باب دار الزبير. عرف من هو


الطارق قبل أن يراه أو يسمع صوته، وأغمض عينيه بعمق لنه عرف أن أخاه غادر الحياة،


وبسببه هو، أغمض عينيه ندما وتمنى لو أنه خسر كل شيء حتى حياته، مقابل أل يرحل أغلى


الناس على قلبه عن الحياة. ولكن كل شيء فات الن، وبم ينفع الندم؟!


نهض وفتح الباب.


وجد سهيل بحالة يرثى لها، والخوف والفزع يشعان منه.


"عمي الزبير، أرجوك تعال فورا إلى دارنا." قال سهيل وصوته يتقطع من تنفسه السريع.


وهنا بدأ التمثيل، فالزبير تظاهر أنه ل يعرف شيئا، وظل التمثيل مستمرا بافتعاله علمات


الدهشة والتفاجؤ، واستمر التمثيل وهو يركض إلى دار أخيه، ويتظاهر بالخوف عندما شاهده ل


يتنفس ول يتحرك، ثم وهو يسرع لجلب الطبيب. كان المشهد – رغم طوله – ممثل ببراعة من


رجل عهد الناس عنه الصدق والجرأة وعدم الخوف من أحد. كله كان تمثيل في تمثيل، باستثناء


شيء واحد، هو ما فعله الزبير عندما أعلن الطبيب موت أخيه، أو بالحرى مقتل أخيه. عندما اتجه


إلى جثمان أخيه، وركع على ركبتيه، وأمسك بيده، واحمر وجهه وجعل يبكي البكاء المر، ونزلت


دموعه غزيرة، وجعل يقول وصوته يتهدج: ل ترحل، يا أخي، ل ترحل، يا دريد.


هذا الكلم الذي قيل بصوت عال سمعته زوجة دريد وسهيل، لكنهم لم يسمعوا الكلم الذي قيل


بصوت أعلى بكثير والذي دار في خلد الزبير عندما فكر: "كيف فعلتُ ذلك؟! كيف قتلت أخي؟! تبا


للبقاء ولي وللحرب ولحلمي ولطموحاتي! تبا لي!... تبا لي!... ليت كل شيء يضيع فدى


عودتك، يا دريد! ليت كل شيء يضيع!..."


ولكن بم ينفع الندم الن، أيها الزبير؟!


***


. 484 *العام


"لماذا فعل الزبير كل ما فعله؟! ولماذا تصرف بهذه الطريقة؟! وكيف سولت له نفسه فعل كل


هذا؟!" هذه تساؤلت طرحها كل الناس الذين عاشوا في زمنه، وحيرتهم، فكيف صدرت هذه


الفعال عن رجل لم يعهدوا عنه طيلة حياته سوى المروءة والشهامة والرجولة!


بدأ جنون العظمة يصيب الزبير منذ صغره، وولد هذا الجنون صغيرا أول، وقد بدأ بسبب


تعظيم جد الزبير له، والذي لطالما رآه الزبير على أنه أعظم رجل في الكون. ولم يكن جده الوحيد،


فكل من حول الزبير عظموه منذ صغره. ومع مرور الزمن، أَكْثَرَ أقربُ أصدقائه قيس من تعظيمه


ومديحه. حتى أخوه بعد أن صار شيخا تعامل معه على أنه الهم كما لو كان هو الشيخ الحقيقي.


والكل لطالما تعامل معه على أنه العظم والسطورة. ثم فعل ما فعله بتحرير البقاء، والذي ظن


الجميع – قبل ذلك – أنه مستحيل. ما أنجزه يحدث مرة كل ألف عام؛ فقد حرر مملكة ضخمة

Free download pdf