laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
في ياقوتة، كان هنالك عدة قبائل رضخت بالقوة لحكم ملك ياقوتة، رغم رغبتها في النفصال.
وسكنت هذه القبائل في المنطقة الشمالية الغربية من ياقوتة، أي بالقرب مع الحدود مع البقاء.
وبدهاء الزبير، وبتنفيذ داهية الكثبة وقيس، تم إدخال عدد ل بأس به من مقاتلي البقاء، إلى ياقوتة،
ولبس هؤلء ملبس تشبه ملبس تلك القبائل المناوئة لياقوتة، وهاجموا ثكنة صغيرة لجيش ياقوتة
وقتلوا كل من فيها، وتعمدوا إبقاء عدد من مقاتليها أحياء. هؤلء بدورهم نقلوا إلى ملك ياقوتة
حازم كل ما حدث، وما ظنوه بأن مقاتلي القبائل المناوئة له هي من فعلت ذلك. وهكذا نشبت حرب
لم تضع أوزارها إل بعد عشرات السنين، رغم المحاولت الكثيرة والمتكررة لشيوخ تلك القبائل
إقناع الملك حازم بأن هنالك مكيدة دبرت من قبل أحد ما لليقاع بين الطرفين، لكنه لم يقتنع على
الطلق.
أما بخصوص الهيجاء، فقد أتت الفرصة وحدها على طبق من ذهب للزبير. فحالما توج الملك
أنيس الفتي بالمُلك بعد قتل الزبير للملك ميمون، سارع أعمامه لمحاولة النقلب عليه. فنشبت
حرب بين الطرفين، وهنا استغل الزبير الداهية الفرصة. لقد كان الملك أنيس ضعيفا مقارنة
بأعمامه، وكادوا يقضون عليه. ولكن الزبير أرسل إلى الملك قوات هائلة تلبس لباس جنود الخير.
فالزبير ل يريد لعمام الملك أن يعلموا أنه يسانده، حتى ل يكسب عداءهم فيغزوا البقاء، ويشغلوه
عن مهمة ضبط المن الداخلي بعد النقلب. وهذه القوات ساعدت الملك أنيسا في إيقاف أعمامه.
رغم العداء بين الزبير وميمون أخي أنيس، وأن أنيسا من العائلة المالكة التي قتلت جد الزبير
والتي يحقد عليها الزبير بجنون، فقد سعى الزبير للصداقة مع أنيس، وكسب وده! فالزبير تعلم من
أخيه دريد الحكمة والتروي والهدوء، وأن القوة وحدها ل تكفي. فقد أودت الشدة والغضب
والحماسة الذين اتصف بهم جده إلى مقتل الخير. وفي الن ذاته، أودت قمة الهدوء والتروي
بأخيه دريد إلى التهلكة، بعد أن وثق بالزبير الذي دس له السم وقضى عليه. لهذا كله أدرك الزبير
أن الوضع الفضل هو الحالة الوسطى بين الحكمة والتروي والهدوء من جهة وبين الشدة
والغضب والحماسة من جهة أخرى، دون التطرف بالعتماد على أحد السلوبين دون الخر.
وأدرك وجوب استخدام كل أسلوب من السلوبين في الظرف المناسب له.
وفي ظرف انقلب أعمام أنيس عليه، قرر الزبير استخدام أسلوب الحكمة، وقبل أن يرسل
جنوده أول مرة للملك أنيس، ذهب الزبير متخفيا بنفسه مع عدد ليس بكثير من الجنود ضم النسور
السوداء وداهية الكثبة؛ وذلك لنه احتاج خبرات الداهية ودهاءه في المفاوضات.
وصل الزبير ومن معه قصر الملك أنيس، وطلبوا مقابلته وأعلنوا عن هويتهم.
كان القصر مبنيا من الحجارة السوداء اللون في معظمها بينما علها الذهب الخالص هنا
وهناك، أما داخل القصر فقد غطى سقف القصر وأرضيته وجدرانه الرخام السود اللون،
وانتشرت خطوط عريضة من الذهب الخالص التي أعطت اللون السود حولها رونقا جميل، ودل
ذلك على بذخ ملوك الهيجاء.