laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
أرسل الزبير في طلب أمين، فلبى الخير الطلب. ورغم أن الزبير اعتاد استقبال كل ضيوفه
وإجراء كل اجتماعاته في الشرفة التي توج فيها ملكا، لكنه حرص هذه المرة على استقبال ضيفه
في قاعة مغلقة من قاعات القصر.
باتت تلك الشرفة تعرف بشرفة السد، نسبة لقبيلة الزبير، أما قصر الضيغم فغدا يعرف بقصر
الكثبة! أما القاعة التي أراد استقبال أمين فيها، فعرفت بقاعة النسور السوداء. واختصها الزبير
ليجتمع فيها وحده بأي شخص يريد أن يحادثه بأمر خاص بينهما، دون وجود أحد حتى النسور
السوداء.
اتسمت القاعة بالتساع العظيم، واحتوت طاولة عريضة عظيمة الطول، يمكن أن يجلس عليها
أربعون امرئ، وفي نهاية القاعة وُجِد كرسي خصص للملك. وأما جدران القاعة فعلق عليها
الخناجر والسيوف، وعلى الجدار فوق كرسي الملك بمسافة عالية، علق رأس نسر ذي نظرات
حادة. والطاولة وكل الكراسي بما فيها كرسي الملك، عل حوافها الذهب الخالص. وانتشرت
أشرطة من الذهب في جدران القاعة وسقفها.
حضر أمين إلى قصر الكثبة ثم إلى غرفة النسور السوداء ، فوجد الزبير وحرسه الثلثة النسور
السوداء، إضافة لعدد من الحرس والخدم.
"مرحبا" قال أمين ببرود، على عكس ترحيباته السابقة بالزبير، والتي اتسمت كلها بالحرارة
الشديدة التي تقترب من حرار النصهار؛ فأمراء الثورة –باستثناء حورية – كلهم غضبوا مما فعله
الملك ذو الندب في التكريم السود وما لحقه.
"أهل، يا أمين" قال الزبير ببرود مماثل.
كان الزبير يجلس على كرسي المُلك في آخر القاعة، وأمامه الطاولة الطويلة جدا، فجلس أمين
على أحد الكراسي المحيطة بالطاولة.
لم يضيّف الزبير ضيفه؛ فهو على وشك الدخول في نقاش حاد بل في إعصار مع أمين.
ثم طلب الزبير من كل من في القاعة المغادرة بمن في ذلك النسور السوداء، ففعلوا ذلك جميعا.
ولما بقيا وحدهما، حدق الزبير بعينين جاحظتين في ضيفه، بينما بادله أمين نظرات حادة.
ثم قال الزبير: يا أمين، اليوم أرسلت في طلبك، لنني أريد أن آمرك بأمر ل رجعة عنه.
لطالما خدمتك – كما خدمت كل فرد من أهل البقاء دون استثناء – ولطالما ضحيت من أجلكم
جميعا، واليوم عليك أن تضحي من أجلي علك تسد قليل من ديني عليك.
استغرب أمين من هذا، بينما تنهد الزبير عميقا؛ فما سيقوله صعب جدا.
ثم قال: أريدك أن تطلق سمية.
زاد استغراب أمين أضعافا مضاعفة، وبدا ذلك جليا على قسمات وجهه.