(( 35 ))
بعد ما يقرب الربعة شهور، كان أمين في رحلة تجارية في الهيجاء على رأس قافلة تجارية
كبيرة. ولما اقتربوا من شرقي الهيجاء بالقرب من البقاء، خيموا في مكان معين، وحل الليل. وبينما
هم نيام، هاجمهم عدد كبير جدا يفوق عدد الرجال في القافلة بكثير. لبس المهاجمون ثيابا كلها
باللون البيض وقد تلثموا بألثمة بيضاء وعلت رؤوسهم العمامات البيضاء. واتسموا بالشدة والقوة،
وطفقوا يقتّلون رجال القافلة. ولما سمع رجال القافلة بالجلبة حولهم، شرعوا يستيقظون ويهاجمون
من غدر بهم، ومنهم أمين الذي استيقظ وسرعان ما استل سيفه وأنشأ يقاتل أعداءه. واستمرت
المعركة التي لم تطل كثيرا؛ فعدد المقاتلين كبير جدا مقابل عدد من في القافلة، كما أن عنصر
المفاجأة اصطف في جانب الطرف الول، ناهيك أن المهاجمين مقاتلون محترفون بينما أعضاء
القافلة إما تجار محترفون أو عمال عندهم، وهؤلء جميعا ليسوا بارعين في القتال براعةَ من
هاجمهم. ومضت المعركة، وقاتل أمين التاجر الذكي ببسالة وشجاعة نادرة، وقتل من المهاجمين
أربعة، وبينما هو على رجليه، هاجمه أحد المهاجمين وهو على فرسه، فضرب صدر أمين ضربة
شقته. في لحظاته الخيرة أيقن أمين أن الزبير خدعه كما خدع الملك الهارب، وأن ما قاله له كان
مجرد مخدر خدره به ليظن أنه في أمان، ثم انقض عليه غدرا في لحظة سهو.
انتشر نبأ مقتل أمين، حتى وصل البقاء. ولما علمت سمية بذلك شكلت تلك أسوأ لحظة في
حياتها، وحزنت حزنا ل مثيل له. أما في الهيجاء، فأعلنت السلطات القبض على من قتل أمينا ومن
معه، وأعلنوا أنهم قطاع طرق لطالما بحثت عنهم السلطات.
وبعد ما يقرب الشهر -وبأمر من ملك الهيجاء الملك أنيس - تم إعدام اثنين وستين رجل؛ لنهم
اعتدوا على أمين وقافلته وأثروا سلبا على علقات مملكة البقاء والهيجاء التجارية. فأعدموا جميعا.
وبلغ كل هذا مملكة البقاء، فعلمت به سمية، لكن ذلك أبدا لم يخفف من النار التي اتقدت بداخلها،
والتي ل يعلم أحد هل ستنطفئ يوما ما!
ولما علم الزبير بكل ما حدث، ظهر عليه الحزن العظيم أمام كل من حوله، وذكر أمينا بالخير،
وأنه لوله ما تمت الثورة المباركة. وأمر بإصدار مرسوم ملكي للتعزية بمقتل أمين، ذكر فيه أن
أمينا هو ثاني أهم رجل بعد الزبير في الثورة المباركة التي قادت لتحرير البقاء.
ومضت اليام، ومر ما يزيد على الثلثة شهور على مقتل أمين.