laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
رجل آخر سيحل محله. تذكر كل التضحيات التي فعلها من أجل جسدها، حتى كرامته تخلى عنها،
وبالنهاية تركته كما يخلع الحذاء من القدم، وتفهم جيدا أن كل اصطناعها للمشكلت في الفترة
الخيرة من زواجهما، تم فقط لجل التخلص منه والزواج من الزبير. تذكر في تلك اللحظات
الليمة كلم معلمه القطش بوجوب ترك حورية، وأنها ستكون السبب في هلكه، إذا ما استمر
معها. وآثار ذلك شجنا عميقا وألما شديدا في نفسه، والقطش كان قد توفي حينئذ، ولم يعد بإمكانه
الفضفضة له.
وأنشأ يقارن نفسه بالزبير مرارا وتكرارا، وآلمه أنه حتى هو رأى أن الزبير خير منه، فهو
الذي حرر البقاء بعد سنوات الضياع والمعاناة، وهو الذي غدا ملك البلد، وهو الذي بطش بكل
خصومه.
وما أحزنه أكثر بأضعاف من فقدانه لحورية وخيانتها له، هو فقدانه لبنيه أعز شيئين على قلبه
في الدنيا كلها, جعل يتذكر تقاسيم وجهيهما وبراءة طفولتهما وأنه لن يراهما من جديد أبدا.
ومع الدمان على الخمور وكثرة الكل والشرب، غدا المغيرة سمينا جدا، واختفت العضلت
والقوة الجسدية التي لطالما عُرف بها.
***
ومع مرور الوقت، واستمرار المغيرة بشرب الخمور وانهياره، ظل أخوه مسعود يحاول
استنهاض همته والتخفيف عنه.
دخل مسعود على غرفة أخيه المغيرة، فوجده مرتخيا على كرسي، وهو يمسك قارورة كبيرة
من الخمر، وشاهده وهو يشرب منها.
"كيف حالك، أيها المغيرة" قال مسعود بحزن.
"أهل... أهل، بالغالي" قال المغيرة بلسان ثقيل، وهو غير مركز، وقد أذهب الخمر عقله.
حزن مسعود لما رأى هذا، وتذكر المغيرة القديم، الفارس الصنديد الذي ل يشق له غبار.
فقال مسعود: أيها المغيرة، أرجوك اصمد... عد قويا كما كنت... أرجوك ل تستسلم.
فقال المغيرة بلسانه الثقيل: اغرب عن وجهي... أريد أن أظل وحدي.
ثم شرب شربة كبيرة من قارورة الخمر.
فقال مسعود: أرجوك... الفيحاء تحتاجك.
"تبا للفيحاء... تبا لك... تبا لكم جميعا" كرر المغيرة بلسان ثقيل.
"أرجوك، أيها المغيرة... ل تستسلم... وتوقف عن الشرب" حاول مسعود تحفيز أخيه من جديد.
فجعل المغيرة يهذي: زبيدة... حسن... ضاعا... حياتي كلها ضاعت.