laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
كانت أرضية الغرفة من الحجر القاسي. ووجد على محيطها أبسطة عادية، وضعت عليها
وسائد استندت إلى الحيطان ليسند الموجودون ظهورهم عليها، بينما استلقت عليها هنا وهناك
وسائد أخرى ليتكئ عليها الموجودون. وهذا حال كل دور القبيلة في ذلك الزمان. غرفة وأبسطة
ووسائد ناقضت قمة التناقض ما اعتاد عليه أهل الكثبة ل سيما أفراد قبيلة السد قبل الحرب
المقيتة، حين عرفوا الرخاء والغنى والرفاه.
جلس قيس على البساط وأسند ظهره إلى الوسادة على الحائط.
"كيف حالك، يا صديقي؟" قال قيس.
فرد الزبير بعد مدة وقد بدا أن الهم والحزن يشغلنه: بخير.
صب القهوة في فنجان ثم ضيفها لقيس. ثم صب القهوة في فنجان آخر وجلس، ثم قال: وأنت،
كيف أمورك وأمور أهلك؟
فأجاب قيس: بخير والحمد ل.
تحادث الثنان ثم دخل الزبير وجلب طعاما ووضعه أمام قيس، وقال: تفضل، يا صديقي.
وطفق قيس ثم الزبير بتناول الطعام، وتبادل الحديث.
وبعد مدة قرر قيس الحديث من جديد في المسألة - التي علم أنها هي التي تزرع الهم والحزن
في قلب صديقه - فقال: أيها الزبير، أتأذن لي أن أحادثك في أمر معين؟
رغم أن قيسا كان أعز أصدقاء الزبير على الطلق، ورغم أنه علم بمدى لين الزبير مع من
يحبهم، إل أنه تعمد الحديث بطريقة مهذبة معه وتعمد الستئذان، لنه علم أن بداخل الزبير مزيجا
فريدا وغريبا من اللين والقسوة، لين مع من يحبهم، ولكن قسوة مع من يسيئون بحقه، وما يفصل
بينهما سوى شعرة رفيعة.
علم الزبير ما هو ذلك المر الذي يريد أن يحادثه فيه صديقه، وقال: تفضل.
فقال قيس: أيها الزبير، يجب أن نبدأ بتنفيذ خطتك في أقرب فرصة بل فورا، لقد صبرنا سنوات
طويلة، ولم يعد هنالك متسع لمزيد من الصبر.
تنهد الزبير، وبعد مدة قال: ل أعرف ما الحل!... لقد حادثت أخي بخطتي منذ سنوات، وفي
المدة الخيرة أكثرت من ذلك، بل وبالغت فيه، لكنه ما يزال مصرا على الرفض. هو المر الوحيد
الذي رفضه لي منذ استلمه قيادة القبيلة، لكنه المر الهم في حياتي حاليا.
اتسم الزبير بثقة بالغة في نفسه، لم يشهد أغلب من عرفه مثيل لها، ورغم ذلك قال لعز
أصدقائه: أحيانا أشعر أن خطتي خيالية، أحيانا أشعر أن أخي على صواب وأنني على خطأ... ل
أعرف... أحيانا أشعر أنني يجب أن أتوقف...