laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
وكذلك عرف قيس وداهية الكثبة - اللذان حضرا العزاء - ما المر الذي أراد يامن الحديث فيه.
وهذان الثنان، منذ الهدنة التي أبرمها الشيخ دريد مع ملك الهيجاء، لم يغيبا عن اجتماع حضره
الزبير؛ فهما أعز أصدقائه وأتباعه، وشكل قيس يده اليمنى، في حين شكل الداهية يده اليسرى.
في ظهيرة اليوم التالي، لبس الزبير لباسا أنيقا، وذهب إلى دار أخيه، وطلب من أرملته أن تعد
ابنها سهيل لكي يأتي معه إلى الوليمة، ففعلت.
اتجه الزبير وسهيل إلى دار يامن. ومع مرور الوقت، اجتمع هناك أغلب وجهاء القبيلة إضافة
إلى عدد كبير من رجالها.
وضع أولد يامن الطعام والشراب للضيوف الذين أكلوا وشربوا.
ولما فرغوا من غسيل أيديهم وأفواههم، عادوا جميعا للجلوس وأنصتوا؛ فقد علموا أن يامنا يريد
الحديث في أمر هام.
قال يامن: يا قوم، لقد جمعتكم اليوم لنتحدث بشأن هام لنا جميعا...
جعل يقلب أنظاره بين ضيوفه، ثم أضاف: لقد توفي شيخنا، وعلينا أن نبايع شيخا جديدا...
لم يتفاجأ الزبير؛ فقد علم مسبقا بأن هذا هو المر الذي دعاهم يامن للحديث عنه.
أكمل يامن: تنص عاداتنا على أن يخلف الشيخ أكبر أبنائه. ونحن لسنا قوما يغيرون عاداتهم مع
كل ظرف... لكن شيخنا الراحل توفي شابا، وابنه الكبر صغير في السن...
نظر الجميع إلى سهيل، بينما أكمل يامن: لذا أرى أن الحكمة في أن يخلف الشيخ رجل آخر من
القبيلة...
أنصت الجميع في هذه اللحظات بإمعان؛ لنهم علموا أن يامنا على وشك اقتراح اسم الشيخ
الجديد.
أكمل يامن: ولم أجد بيننا، رجل يجمع بين القوة والخير، وبين الصلبة والحكمة، سوى...
الزبير.
نظر الجميع إلى الزبير، ثم أكمل العجوز: وهو يمتاز بميزة أخرى، وهو أنه ثاني أقرب رجل
إلى شيخنا الراحل دريد بعد ابنه الصغير، وبالتالي ستظل قيادة القبيلة محصورة في عائلة شيخنا
الراحل، ولن نغبنهم حقهم.
ساد صمت في الدار، حتى قال العجوز: إن وُجِدَ لدى أحدكم اعتراض، فليخبرنا به وليرشح لنا
اسما آخرَ. فهل بينكم معترض.
صمت الجميع، فكل واحد منهم عرف أن الزبير أفضل رجال القبيلة وأقواها، بل أفضل رجال
الكثبة كلها وأقواهم. لم يمتلك أحدهم الجرأة على العتراض.