laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
على الرغم من قوته، لم يتصف الزبير بالغرور والتكبر، وقد تعمد في خطابه أن يقول إنه
يخدمهم، لنه أراد أن يطيعوه عن طيب خاطر.
وأكمل: يا قوم، إني جمعتكم اليوم، لطلعكم على أمر جلل قررت تنفيذه.
زاد تركيز القوم، وتشوقوا لمعرفة المر.
فأكمل: لقد غدر بنا ملوك الهيجاء، وتجرؤوا علينا، وقتلوا جدي شيخنا، وقتلوا منا من قتلوا
وأسروا من أسروا، وطردونا من ديارنا ولحقونا فيما تبقى من صحرائنا.
ثم صرخ بصوت عال ملؤه الحزم والشدة: وها أنا أقسم أمامكم، أنه لن يهدأ لي جفن حتى أنتقم
من ملك الهيجاء ومناصريه.
ثم ارتفع صوته أكثر وأكثر وهو يقول: نحن قوم أعزاء، ل نرضى بالذل والهوان. الموت علينا
أرحم من الخضوع.
خسئ ملك الهيجاء، وخسئ من سبقه، وخسئ من أيده.
وأكمل صارخا: استعدوا يا قوم، للنتقام، حتى يعلم أهل البسيطة جميعا من هم قبائل الكثبة.
دبت الحماسة في قلوب الحضور جميعا، وجعلوا يصرخون معا على قلب رجل واحد، وأفئدتهم
تلتهب توقا للنتقام: يحيا الزبير... يحيا الزبير... يحيا الزبير...
اجتاحت الفرحة قلبه، واطمأن إلى وقوفهم بجانبه في قادم اليام في تنفيذ خطته.
***
أول قرار حقيقي اتخذه الزبير بعد تسلمه قيادة الكثبة هو إعلم أهلها بخطته للنتقام؛ لنه أراد
أن يكسب أكبر وقت ممكن قبل الشروع في تنفيذ هذه الخطة الصعبة.
لقد امتاز الزبير بقوة الملحظة ودقتها، ولقد اقتنع أن العظماء يخلقون الفرص من العدم، فكيف
بهم إذا وجدت فرص سانحة أمام أعينهم؟!
هذا كله فسر ثاني أهم قرار اتخذه بعد مبايعته شيخا.
في ذلك الزمان والمكان، انتشرت العبودية، وفي مملكة البقاء وما حولها كان معظم العبيد من
ذوي البشرة السوداء. وهذا انطبق على قبائل الكثبة ومنهم السد، ففي الفترة التي ساد فيها السد
وامتلكوا فيها كثيرا من المال، امتلكوا عددا كبيرا من العبيد والماء. حتى إن أقل السد ثراء امتلك
الواحد منهم عبدا واحدا أو أمة واحدة على القل.
ومرت اليام، وهزم ملوك الهيجاء قبائل الكثبة، فهاجرت القبائل شرقا، وضاعت معظم أموالها
وأملكها. ورغم ذلك ظل العبيد والماء ملكا لفراد القبائل.