رواية الزبير يجب أن يقتل

(LAITHTAHER) #1

منذ صغره، لحظ الزبير أن العبيد ذوي البشرة السوداء، مختلفون جسديا، عن أفراد الكثبة


وسائر البقاء؛ فمعظم أطول قامة وأقوى جسديا وبكثير، ومعظم أجسادهم تملؤها العضلت


المفتولة! وفي المعارك، عندما يطلب السادة من عبيدهم القتال إلى جانبهم، اتضحت جليا قوتهم في


القتال. وكذلك لحظ الزبير – قوي الملحظة – أنهم ل يشتاقون لشيء في الحياة شوقهم للحرية،


وأنهم مستعدون لفعل أي شيء لنيلها. لذا قرر أن يستغل هذا كله لصالحه، فقد علم جيدا أنه إذا


منحهم حريتهم فسيمنحونه ولءهم، وسيوفون له حتى أكثر من أفراد عائلته.


أمر الزبير بجمع كل العبيد القاطنين في أرض قبيلة السد ليحادثهم، ومنع أي أحد من الحرار


من حضور هذا الجتماع حتى أقرب المقربين منه بمن فيهم سهيل وقيس والداهية. وشدد على أن


يحضر الجتماع عبد أسود اسمه بيدق.


أتى عبيد السد جميعهم إلى الجتماع، ومعظمهم من ذوي البشرة السوداء، وحضر بيدق. كان


بيدق مملوكا لواحد من أثرى رجال السد بل البقاء كلها في الفترة التي سبقت الحرب المقيتة، لكنه


فقد جل أمواله وما ملك إبان الحرب. ومنذ صغر الزبير، لحظ أن بيدق رجل قوي جدا، وليس


المقصود هنا قوة الجسد، رغم أنه تميز بذلك، ولكن المقصود هنا قوة الشخصية. رغم أن بيدق عبد


وأنه كسائر العبيد أطاع مالكه طاعة عمياء، لكن نفسه كانت عزيزة كأنها نفس رجل حر. لطالما


بدا عليه أنه غير سعيد بحقيقة أنه عبد، وإذا طلب منه أحد من الحرار شيئا كان ينفذه لكن يبدو


على وجهه عدم الرضا والمتعاض. لم يذكر أحد طيلة السنوات الكثيرة، أنه رآه وهو يضحك بل


حتى يبتسم. بيدق أتى أكثر من مرة إلى دار الشيخ الراحل عامر- جد الزبير – وعرض عليه أن


يصير خادمه الوفي وحارسه الكثر ولء، إذا أعتقه من العبودية. وقد علم الزبير بهذه الزيارات


وما فيها. لكن الشيخ عامرا ظل يرفض هذا الطلب؛ لنه أراد أن يحافظ على علقته الطيبة بالرجل


الثري جدا الذي امتلك بيدقا وكان يرفض نهائيا فكرة بيعه لحد. وفي كل مرة، وبخ الشيخ عامر


بيدقا وطالبه بعدم العودة إلى أحد في هذا الموضوع، لكن الشيخ – ولحسن أخلقه – لم يعلم مالك


بيدق بكل هذا.


وقف العبيد الكثيرون في حضرة الزبير ومنهم بيدق. كان رجل أسود متوسط الطول، ممتلئا


قليل، وقد انتشرت العضلت المفتولة من أعلى جسده إلى أسفله. امتلك لحية وشاربا أسودين


كثيفين لكن مهذبين بطريقة توحي أنه حر ل عبد، وتخلل شعر رأسه ووجهه شعر أبيض هنا


وهناك أضفى على هيئته مزيدا من الوقار. نظر إليه الزبير، ورأى فيه الفخامة والوقار، نظر إلى


عينيه الشرستين إذ مال لون بياضهما للصفار، بينما كانت أسنانه ناصعة البياض كأنه بياض


حسام، وناقضت تماما لون بشرته السوداء.


كان الجتماع خارج أرض السد في منطقة قريبة منها؛ لن الزبير لم يرد لحد من أفراد قبيلته


أن يعلم بما سيدور في اجتماعه مع العبيد.


وقف الزبير مقابل العدد الغفير من العبيد، ثم قال: أهل بكم، يا قوم.

Free download pdf