laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
ثم قال الزبير: بوركتم، يا إخوتي... بالفعل كنتم أشد من السباع في الحرب، وبيضتم وجهي أمام
الملك، وأمام الكون كله... أنتم – أهلَ الكثبة – أعظم أهل البقاء على الطلق وأشجعهم، وإن لكم
للفضل الكبر في تحريرها، وكل هذا الكلم يشهد به القاصي والداني، وأولهم جللة الملك قصي
نفسه.
وإني – يا قوم – أشهدكم وأعدكم – ولست بالرجل الذي يخلف وعده – أنني سأفرحكم
وسأسعدكم، من خلل كوني الوزير الول في المملكة، ومن خلل قربي من الملك. فأبشروا برغد
في العيش، وحياة سعيدة ليس لغيركم مثلها. أبشروا لكم ولنسائكم وأولدكم بأكثر مما اشتهته
أنفسكم، أو لح في مخيلتكم ذات يوم.
فسُرّ الحاضرون جميعا، واشتركوا جميعا بعلمات الفرح العارمة التي ظهرت واضحة على
وجوههم جميعا بل استثاء، وزادت في تلك اللحظات محبتهم للزبير أضعافا مضاعفة.
تنهد الزبير، ثم قال: ولنني رجل يفي بوعوده – كما ذكرت قبل ثوانٍ – ولنني ل أرضى أن
أعيش وقد نكثت وعدا حتى لو طال عمره، فإن هنالك وعدا علي منذ زمن بعيد، وعلي أن أنفذه.
فقال قائد قبيلة: قل – يا مولنا – ونحن معك في أي شيء.
"نعم، نحن معك" قال أحد الحاضرين، وطفق آخرون يؤكدون ذلك.
قال الزبير: لقد وعدت أعز الناس على قلبي – سهيل – بأمر.
نظر إلى سهيل الذي جلس بجواره، ثم أعاد نظره إلى الحاضرين وأكمل: لقد وعدته أن يصير
شيخ الكثبة أكلمها عندما يكبر... والن سأنفذ وعدي ذلك، وها أنا أتنازل عن قيادة قبائل الكثبة،
وأعلن سهيل شيخا على قبائل الكثبة أكملها من أعظم رجل فيها إلى أبسط واحد من أهلها.
صُدم الحاضرون، وأولهم سهيل، مما سمعوه، واجتاحتهم دهشة عظيمة.
استاء قيس والداهية كثيرا مما سمعاه، لمحبتهما العظيمة للزبير، ولنهما آمنا إيمانا عظيما أنه
أفضل من يمكن أن يقود بدو الكثبة، وأن كونه الشيخ في مصلحتهم. لكنهما في تلك اللحظات
المتوترة آثرا أن يلتزما الصمت؛ لنهما يعلمان مصير من يجادل الزبير في أمر كهذا.
سهيل الذي كان في تلك الثناء في العشرينات من عمره، نظر برهبة في عمه الزبير، ثم قال
بخوف: أنا أرفض ذلك، يا عمي.
ثم قال قائد قبيلة: ل يمكن أن يحدث ذلك أيها الزبير... بقاؤك شيخا لنا لمصلحة الكثبة.
ثم قال قائد قبيلة آخر: سهيل رجل عظيم، لكن ليس في البقاء كلها من هو مثلك أو ند لك، أيها
الزبير. لماذا ل تظل أنت الشيخ، في حين يتعلم منك سهيل؟! ويوما ما – بعد عمر طويل لك –
سيصبح هو الشيخ، وسيكون حينئذ قائدا صنديدا مثلك الن.