laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
وبينما الم تفارق الحياة، قالت: لماذا، يا بني؟! ماذا فعلنا لك؟!
أي كلماتها أقسى عليه، عتابها له الذي دل على صدمتها، أم مناداتها له ببني حتى بعد أن غدر
بها وخانها؟! حتى هو نفسه لم يعرف الجواب!
أمسك أمه بيديه وجعل ينزلن أرضا معا، واحتضنها وهي على الرض وفارقت الحياة وهما
على هذا الحال، وظل ممسكا بها وهو مطأطئ الرأس والحزن يجتاح قلبه.
وبعد أن مضى زمن، سمع الزبير صوتا يعرفه جيدا يقول: قم، أيها الزبير... ل وقت لمثل هذا.
ثم أحس بيد قيس على كتفه، وهو يحاول إيقاظه مما هو فيه.
نظر إلى قيس الذي أضاف: هيا، أيها الزبير... علينا أن نكمل ما نحن فيه، ل مجال للتراجع
الن.
اقتنع بكلم صديقه، ووضع جثمان أمه بهدوء على الرض، ونهض واندفع مع مقاتليه يقتلون
كل من يرونهم أمامهم.
وبعد أن فارقت الميرة هدى أمها، هربت مبتعدة، إلى أن تلقفها واحد من مقاتلي الزبير، فطعنها
بخنجره، وقتلت الميرة التي عرف عنها شدة براءتها، والخوف والرعب بداخلها يفوقان ما كان
بداخل أمها بأضعاف مضاعفة.
واستمر الزبير ومقاتلوه يجوسون خلل أرجاء القصر حتى اقتربوا من مقر قيادة الجيش
الحرس الملكي في طرف القصر. وكان عاصم وأتباعه من حرس الملك قد علموا بعد مدة من بدء
المجزرة، أن هنالك خطبا ما يحدث في القصر، بعد أن سمعوا جلبة هنا وهناك، فطفقوا يقاتلون
المهاجمين الذين لم يعرفوا من هم، وماذا يريدون.
منذ البداية أمر القائد عاصم، مقاتلي الحرس الملكي: اذهبوا جميعا وفورا، إلى غرفة الملك،
حياته هي أولويتنا، وبعد ذلك سنحاول إيجاد الملكة والميرة.
فشرعوا جميعا يتوجهون إلى هناك وهو مثلهم، وفي الطريق اصطدموا بمقاتلي الزبير الذين
انتشروا بسرعة في أرجاء القصر جميعها، فتقاتل الطرفان وفي البداية كانت الغلبة لعاصم
ومقاتليه، لكن بعد مدة عندما كثر مقاتلو الزبير بدأت الكفة تميل ناحيتهم؛ فأحد أهم ركائز خطة
الزبير هو العتماد على وجود كثرة من مقاتليه في حفل التكريم تتجاوز وبكثير كل المقاتلين الذين
سيدافعون عن الملك في القصر كامل. وظل عاصم ومن معه يقاتلون مقاتلي الزبير، وبدؤوا
يتساقطون الواحد تلو الخر، ولم يستطيعوا بلوغ غرفة الملك. وخرج عاصم إلى إحدى باحات
القصر، ومعه عدد من مقاتليه، واشتبكوا مع عدد أكبر منهم بكثير من مقاتلي الزبير. وفي هذه
الثناء كان الزبير قد وصل إلى هذا المكان، فلم يتبق من المقاتلين سوى عاصم والقلة القليلة جدا
التي معه.