laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
بالجري، وفجأة وجدت كلتاهما نفسها دون الخرى. أما الحارس الذي دافع عنهما، فسرعان ما قتله
أحد مقاتلي الزبير، وفي هذه الثناء ركضت الملكة بعيدا، واختبأت في إحدى غرف القصر، تحت
السرير داخلها، وهي تدعو ال جهد دعائها وبأقصى إيمان ورجاء في حياتها بأن ينجيها –
وأحباءَها- مما هي فيه. في تلك اللحظات خشيت على حياتها لكنها خشيت أكثر على حياة ابنتها،
وأكثر وأكثر على حياة زوجها الملك، وتساءلت إن حل به مكروه. كل هذا القلق الهائل الذي خالط
الخوف العظيم بداخلها، جعل تلك اللحظات أسوأ لحظات حياتها.
وبينما هي مختئبة، سمعت صوتا جهوريا قويا واثقا يقول: هيا، قاتلوا بشدة... قاتلوا حتى
اللحظة الخيرة.
لقد ميزت ذلك الصوت جيدا، فهو صوت المنقذ الذي بعثه ال استجابة لدعائها، فهو صوت
ابنها، وليس الحديث هنا عن المير ريان، وإنما عن ابنها الخر: الزبير!
"لقد أتى الزبير البطل لنقاذي، الن سينقذنا جميعا، وينتقم لنا من أعدائنا كما فعل في الثورة"
فكرت المرأة البسيطة بسذاجة.
خرجت مسرعة من أسفل السرير، وركضت بأقصى سرعة، وهي سرعة بسيطة؛ لنها امرأة
مسنة. خرجت من الغرفة مسرعة، فوجدت الزبير واقفا في باحة القصر، والدماء تمل ثيابه
وذراعيه، وهو يمسك بسيفه وخنجره، ويتنفس بسرعة كبيرة وقوة عظيمة، وقد فتح منخريه وفمه
على أقصى اتساعهما. ركضت نحوه، فتنبه لقدومها. كانت تلك اللحظات من أصعب لحظات
عمره، صحيح أن ما كان يفعله في تلك اللحظات اتسم بالقسوة وعدم الرحمة، لكن حتى أشد الناس
وأقساهم، هم بالنهاية بشر ولديهم مشاعر. لقد اعتبرها أما له، ولطالما أحبها من كل قلبه.
حزن كثيرا عندما رآها، فاقتربت منه وأمسكت بذراعيها ذراعيه، والفزع يشع من وجهها،
وقالت: ماذا يحدث، يا بني؟! من هؤلء الذين يهاجموننا؟!
ثم أضافت، وهي تضغط بذراعيها على ذراعيه: احمني، يا بني.
المر اختلف عن قتل الزبير للملك؛ فهو استعد منذ زمن بعيد لغتياله، ولم يكن هنالك مجال
لن يغتاله أحد آخر، وهذا ما فسر قسوته وخبثه وشماتته، وهو يقتل الملك رغم حبه له. لكنه تمنى
من كل قلبه أن ل يكون هو من سيقتل الملكة أو الميرة هدى، فبإمكان أي أحد من مقاتليه أن ينجز
المهمة. لكن ال وضعه في خيار صعب، وحانت لحظة الختيار هل سيقتل أمه أم سيدعها؟!
واختار الخيار الصعب.
بينما تضغط الملكة على ذراعي ابنها، ارتجف الزبير، وتلك المرة الوحيدة في حياته على
الطلق التي يرتجف فيها وهو يقاتل، وبينما هو كذلك طعن البن أمه بخنجره الذهبي ثم سحبه.
هاله حجم الصدمة على وجه أمه، فاحتله ألم عظيم، وقال: أنا آسف، يا أمي... ل بد من
تضحيات، وهذه إحداها.