laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
أما المير عماد فقد فزع هو الخر من هذا الخبر الهائل، أراد أن يهدئ من روع المير، لكنه
خاف أن يفعل أي شيء من شأنه حينئذ أن يغضب المير، لذا التزم الصمت والهدوء.
ظل المير على حاله ذلك، لمدة، ولما طفق يستوعب ما سمعه، ركض بسرعة نحو القائد
وأمسكه بقوة هائلة من خناقه، ورفع ثيابه للعلى، وصرخ: ماذا تقول؟!... أنت كاذب... أنت
كاذب... مستحيل... مستحيل...
النكار، أحد أهم الوسائل التي يستخدمها كثير من البشر لستيعاب الطامات الكبرى وهضمها،
أليس كذلك؟! وهذا هو ما فعله المير في تلك اللحظات.
اندفع عماد بسرعة وقوة نحو المير، وهو يمسك بخناق القائد الذي حاول الفلت من قبضته،
وأحس كما لو أن المير سيقتله. أمسك عماد بالمير، وهو يصرخ عليه: هدئ من روعك، يا
مولي... ليس له ذنب... إنه معك وليس ضدك...
"ابتعد" صرخ المير على صديقه ومستشاره، ودفعه بقوة هائلة، ثم عاود المساك بخناق القائد.
فما كان من عماد إل أن صرخ بقوة أكبر: إهدأ، يا ريان... ما بك؟! عليك أن تتمالك نفسك، وأن
تتماسك في هذه الظروف!
لم يعتد عماد مناداة المير باسمه دون "مولي" أو "سيدي" على القل أمام الخرين، لكن في
تلك اللحظات العصيبة جدا، وجب أن يفعل ذلك ليوقظ المير مما هو فيه.
من جراءة عماد عليه، ترك المير القائد – الذي سرعان ما ذهب بعيدا – ووضع يديه على
رأسه غير مصدق ما يحدث، وبينما تسارعت أنفاسه، ركع على الرض على ركبتيه، وهو ما
زال واضعا يديه على رأسه، ثم أجهش بالبكاء الشديد، وسال الدمع الغزير من الفارس القوي
المغوار الذي لم يهب أشد المعارك والحروب، كأنه طفل صغير. كان المر مهينا، بكاء المير
وولي العهد الذي لطالما حرص على الظهور بمظهر القسوة والشدة وأحيانا الفظاظة أمام الخرين.
لكن كل ذلك له تفسير، فما حدث أسوأ بألف مرة من كل مما حدث في حياته مسبقا، حتى باغتيال
أقاربه – وهو طفل صغير - من قبل ملك ياقوتة، وما تبع ذلك من معاناة في جبال اليبس لسنوات
طويلة، بعد حياة الترف والقصور.
وبينما هو يجهش في البكاء بمرارة، سارع عماد للنزول بجواره واحتضنه، ثم صرخ بالقائد
وفي كل الحرس: ارحلوا فورا...
ثم صرخ بصوت أعلى: جميعا.
أنشؤوا يرحلون، وهم القائد بالرحيل، لكن قبل أن يغادر قال: مولي، عليك أن تنجو بحياتك...
والفضل أن تغادر البقاء نهائيا...
أنصت عماد لتلك الكلمات بتمعن، وشرع يفكر في حل للمعضلة؛ فكلم القائد صحيح.