laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
مولي، أنت أبي، وأحبك مهما فعلت بي. أظن أنك فعلت كل هذا، لن الوشاة أبلغوك ما بدر
مني وما قلته لضيوفي عندما سألوني عن رأيي فيما فعلته. سامحني على ما سأقوله، لكنني أراك
مخطئا، لني أرى مدى نقاء قلبك، وأنه صاف كالزجاج، لذلك ل أستطيع تقبل ما فعلته مع الملك
قصي، وما قيل إنك فعلته مع أمين. صديقك، يا أبي، من صَدَقَك، ل من صَدّقك.
ولكن هذا كله ل يعني أنني سأسعى ليذائك، أو أنني – ل سمح ال – سأنقلب عليك يوما ما أو
أخونك.
بالنهاية من ل يخطئ منا؟! وأنا نفسي أخطأت فيما قلته عنك. وأنا ل أستطيع إنكار كل أفضالك
علي، وأنك أخرجتني وأهلي من الجحيم إلى الجنة.
أنا ل أرسل هذا إليك لنني أريد زوال القامة الجبرية، وليس لنني أريد حياة الرغد والحرية
من جديد.
ولكن لخبرك أنك ستظل أبي إلى آخر لحظة في عمري، وأني أحبك بجنون، وسأظل وفيا لك.
أبتِ، أنا أخطأت، وأرجو منك السماح.
ابنك،
سليم."
جلس الزبير يقرأ هذه الكلمات وحده في غرفته، ورغم أنه ليس بإنسان عاطفي، إل أن أنهار
الحزن جرت في جوفه وهو يقرأ هذه الكلمات، وطفق قلبه يتقطع حزنا من سكين كلمات سليم إلى
قطع صغيرة الواحدة تلو الخرى. حزن كثيرا لنه كسر قلب من كان ابنه، بعد أن كسر قلب حبيبته
سمية. وأحس أنه سم يؤذي كل من يحبهم! وما زاد من حزنه وأثار فيه الشجن، خط سليم الرديء
جدا، وكثرة الخطاء الملئية والنحوية في رسالته، فأحس بالشفقة على الشاب القروي المسكين،
الذي عاش كل طفولته هاربا في قرية لم يتلق فيها أي تعليم. وتعجب الزبير من البلغة في كلم
سليم، رغم أنه ليس من أهلها، ولكن محبة الخير له جعلته يتكلم بفنية الشعراء، وأشجان الكتاب!
ورغم كل هذا، لم يشفع أي من هذا لسليم، وقرر الزبير أن يرفض مسامحة ابنه، فهو الرجل
الشديد، ولن يسامح من يخطئ في حقه، مهما قَرُب منه؛ لن التسامح – وفق رأيه – من شيم
الضعفاء.
***