رواية الزبير يجب أن يقتل

(LAITHTAHER) #1

في مدن كثيرة سيطر الثوار عليها، كما حدثت انقلبات بالجيش بأعداد كبيرة، وقتل عدد هائل من


كبار القادة المؤيدين لك، وعدد كبير من كل من رفض هذا النقلب وهذه الثورة... بالمحصلة


خسرنا نصف قواتنا...


صمت قيس لمدة ثم أكمل: أو أكثر.


وبسرعة قال الداهية: عيوني في كل مكان، بما في ذلك القدماء، لكن غَدْرَ ملكها، وإحكام خطتهم


بالتفصيل أنجحها.


وازدرد الداهية ريقه خوفا وخشية.


لقد علم قيس والداهية أن بركانا سينفجر الن لم يشهدا له مثيل في حياتهما، هما أصل أرسل


بيدقا ليقاظ الزبير؛ لنهما خشيا من ردة فعل الخير.


الغريب أن الزبير في تلك اللحظات التزم الصمت، ونظر بهدوء إليهما، وتباطأت أنفاسه. عندها


بدأ الخوف – وبسرعة – ينمو أكثر وأكثر فيهما؛ فلو صرخ فورا لنتهى المر، لكنهما علما عندئذ


أنه سيحدث شيء لم يشهدا عُشْرَه في حياتهما كلها.


مضت مدة طويلة على هذا الحال. لم يرمش الزبير طيلة هذه المدة على الطلق! وشرع قيس


والداهية يرتجفان، وتسارعت دقات قلبيهما وأنفاسهما، وأنشآ يزدردا ريقهما.


وفجأة اتسعت عيناه، وأحكم قبضتي كفيه، وبدأت شفتاه تتحركان حركات غريبة من شدة


الغضب، ثم صرخ صرخة هي القوى في تاريخ قيس والداهية وسائر الحاضرين، وهو يلوح بيده


وذراعه اليمنيين: غنم، بقر، بعير.


ثم هجم بسرعة على الطاولة، ورمى كل ما عليها على الرض، ثم قلب الطاولة رأسا على


عقب، وطفق يدوس عليها وعلى الحجارة التي كانت عليها، وحتى على خريطة البقاء – المقدسة


لدى الزبير وجميع أهلها – التي كانت عليها. فشرع يتحرك بالغرفة بجنون وعشوائية، وهو يلوح


بذراعيه، ويصرخ: غنم... بقر... بعير... من معي همج بهائم... أضاعوا ملكي.


في هذه الثناء كلها كان قيس والداهية قد تحركوا مبتعدين عن الزبير وهو يهيج كوحش في


الغرفة، وباقي الحاضرين فعلوا الشيء نفسه، كلما اقترب الزبير منهم.


بعدها وقف الزبير ونظر إلى قيس والداهية، فخافا أشد خوف في حياة كل منهما؛ إذ لم يسبق


للزبير توبيخ أي منهما طيلة حياتهما.


تراجع الثنان للخلف خشيةً، وبينما نظر إلى قيس، قال الزبير: أنت قائد جيش؟!... أنت ل


تصلح لقيادة قطيع من الجمال.


وفورا نظر إلى الداهية، وقال: وأنت... داهية الكثبة؟! أنت داهية الفشل والعار والهزيمة.


ثم صرخ بقوة: تبا لكم!... تبا لكم جميعا!

Free download pdf