رواية الزبير يجب أن يقتل

(LAITHTAHER) #1

ثم صرخ والعروق نافرة في عنقه: انصرفوا جميعا فورا... ل أريد أن أرى أيا منكم.


بقي الجميع واقفين، ليس عصيانا لمره، وإنما من هول الزلزال الذي رأوه ومن شدة الصدمة.


فصرخ بجنون: انصرفوا جميعا... ل يعودن أحد منكم إل عند مشرق الشمس.


من الطبيعي، ما شعر به – في تلك اللحظات – قيس والداهية من الحزن والمهانة والذلل.


والسبب الرئيس لحزنهما لم يكن التوبيخ أمام كل هؤلء من قبل الزبير، وإنما لنه حبيبهما وأنهما


بالفعل شعرا بالذنب؛ لنهما بالفعل شعرا أنهما أضاعا ملكه.


فرحلوا جميعا، الزبير في تلك اللحظات كادت عيناه تخرج من رأسه، وشعر بدوخة وأنه سيقع


من شدة الغضب. جلس على كرسي المُلك المخصص له في الغرفة. تسارعت أنفاسه ودقات قلبه،


واستمر شعوره بالدوخة، وفجأة صرخ بصوت عال جدا: تبا!... تبا!...


ورغم أنهم جميعا رحلوا، فقد انتظروا خارج الغرفة، ولم يبتعدوا عنها. وقد سمعوا صراخ


الزبير. واستمر الخير بالصراخ لساعات، وهم يستمعون له بحزن وخوف. بعدها اختفى الصراخ.


في تلك اللحظات جلس الزبير وقد استجمع هدوءه وتركيزه، وأسند رأسه بيديه وهو ينظر إلى


الرض. وبعد مدة جعل يحدق في حائط الغرفة، وهو يسند رأسه إلى كرسي المُلك، ثم وضع يديه


خلف رأسه إحداها فوق الخرى، وهو مسترخ وما زال ينظر إلى الحائط.


ثم قال بصوت منخفض: لن يهزمني أحد... مستحيل... الزبير ل يهزم... يجب أن أجد خطة


أهزمهم بها... يجب ذلك كما فعلت قبل سنوات كثيرة، ونجحت في تحقيق المعجزة بتحرير البقاء


بأكملها، والن سأفعل ما هو أسهل بكثير.


أحكم الزبير تركيزه، وبعد وقت طويل من التفكير والتركيز والتحديق في الحائط، قام من جِلسته


تلك، وأعاد الطاولة مستندة على أرجلها، ووضع الخريطة على الطاولة، وأعاد الحجارة ذات


اللوان المختلفة على الخريطة وفق الترتيب الذي وُجِدَت عليه عندما دخل الغرفة، وطفق يتفكر


بعمق، ووضع نصب عينيه أن من قواعد النتصار النهائي في أي حرب هو عدم إنكار الهزائم


التي يتعرض لها المرء، وعدم إنكار قوة أعدائه، وأنه يجب أن يكون واقعيا يدرك ما لديه من قوة


وما لدى خصومه. لذا وضع نصب عينيه أنه خسر ما يقرب نصف قواته، في حين ينتظره جيش


قوي، متعطش أفراده للنتقام والثورة وتمل الحماسة أفئدتهم، في حين أن الموالين له قلوبهم ملى


بذل الهزيمة والفشل. طفق ينظر إلى الخريطة والحجارة بتركيز وأنشأ يتفكر بعمق، وظل هكذا وقد


أخذ يحوم حول الطاولة. وكلما مر الوقت جعل يحرك الحجارة لتجريب خطة معينة، وعندما يجد


الخطة فاشلة ضعيفة ل يمكن لها أن تنجح، عاود ترتيب الحجارة ترتيبا آخر ليجرب خطة أخرى،


وعندما يجدها فاشلة عاود تكرير المر. وتخلل ذلك شعور باليأس والضعف، فيعاود الجلوس على


كرسي العرش، إل أنه سرعان ما يستجمع قواه، ويرفض الستسلم والخسارة، ويعاود المحاولة


بالحجارة والخطط من جديد، فالزبير ليس بالمرء الذي يمكن أن يستسلم ما دام حيا!

Free download pdf