laithtaher
(LAITHTAHER)
#1
قال الشيخ دريد: أيها الزبير... أنت تعلم كم أحترمك، وكم أقدر رأيك، وأني لطالما أنصتّ
لمشورتك، وأنني لم أستخف بأي من خططك مهما بلغت صعوبتها ومهما بدت مستحيلة، وما
قبولي بخطتك التي أودت إلى مجزرة الطويل إل أكبر دليل على ذلك.
تنهد الشيخ بحرقة، ثم أكمل: لكن، سامحني... ل أستطيع أن أوافق على خطتك.
فتح الزبير عينيه متعجبا، وتسارعت دقات قلبه وأنفاسه غضبا وغيظا، بينما أكمل الشيخ:
خطتك هذه مستحيلة، وتبدو من حكايات الخيال... نحن سنوحد أهل البقاء ونقضي على ملوك
الهيجاء وياقوتة! هذا أمر مستحيل... كما أنه حتى لو كان ممكنا فهو خطير جدا، وقد يقود لفناء من
تبقى من أهل الكثبة، وأنا – شيخا لهم – ل أستطيع أن أوافق على أمر – غالبا – سيؤدي
لندثارهم. كما أن خطتك هذه تتضمن كثيرا من التفاصيل الدقيقة، وتحتاج لموافقة كثير من الرجال
القوياء عليها، وفشل أي خطوة صغيرة، ورفض أي رجل من هؤلء للوقوف معنا سيودي بها إلى
الفشل.
سامحني، أيها الزبير، ل أستطيع الموافقة. يبدو أن حياتنا الصعبة في الصحراء قد جعلتك تفكر
تفكيرا غير منطقي، قادك إلى هذه الخطة المستحيلة.
ازداد غضب الزبير مع كل كلمة قالها أخوه، حتى بلغ حدا عظيما، ثم قال غاضبا: دريد، خطتي
مضمونة تماما، ويستحيل أن تفشل، ويجب أن ننفذها.
فرد الشيخ الذي أحزنه غضب أخيه: آسف، أيها الزبير، ل أستطيع الموافقة.
فقال الزبير: أونسكت على مقتل جدنا؟! أنحجم عن الثأر له؟! أونرضى بأن تظل البقاء محتلة؟!
أونرضى بحياة الذل والفقر التي نعيشها بعد أن كنا أسيادا وأهل عز؟!
فقال الشيخ: وأيم ال، إني ل أرضى بأي مما ذكرت، وإن نفسي تتوق للنتقام من أعدائنا شر
انتقام، توقَ صحرائنا للغيث... لكن، أيها الزبير، المرء يجب أن يتسم بالواقعية والمنطقية... نحن
قلة مقارنة بأعدائنا، وأسلحتنا تكاد ل تذكر مقارنة بأسلحتهم، ولم يتبق لنا مال. وما تبقى من أهل
البقاء ليس لنا – أهلَ الكثبة – عليهم سلطان، وربما لن يتبعونا في تنفيذ خطتنا... وهؤلء الذين
ذكرتهم في خطتك من كبار رجال البقاء، من يضمن أن يستمعوا لك.
ولو فرضنا أن كل خطوات الخطة نجحت، وتوحد كل أهل البقاء الوفياء لها، فإن الحتمال
الكبر هو أن نخسر ضد ملوك الهيجاء وياقوتة، الذين هم في وضع أقوى من وضع أهل البقاء.
فقال الزبير: دريد، علينا أن نفعل شيئا، ل يمكننا أن نظل هكذا ساكتين على الظلم كالوثان.
رد دريد: اعذرني، أيها الزبير، وأرجو أل تلح علي أكثر.
احمرت عينا الزبير غضبا، فقام وغادر دار أخيه.
كانت هذه المرة الوحيدة، التي رفض فيها دريد طلبا للزبير. لطالما كان الزبير الحاكم الفعلي
للكثبة بعد مقتل جده، وهو من يحل ويربط، وقد علم الجميع بذلك.